ناصر عمران
قاضٍ عراقي
كان واضحا من النقاشات البرلمانية التي شهدت مخاضات الولادة الاولى لقانون العفو رقم 27 لسنة 2016 انه من المتعذر ان يسير بهيكليته القانونية من دون تعديل والغاء في مواده القانونية لمدة طويلة فما لبث ان جاء التعديل الاول وقبل مرور عام على تطبيقه وبالأسباب الموجبة التي نصت (بالنظر لخطورة الجرائم الإرهابية وجرائم خطف الاشخاص على المجتمع العراقي وخاصةً التي ارتكبت بعد 10/6/2014 وما تمثله من سلوك اجرامي خطير للجناة وما خلفته من آثار سلبية على المجنى عليهم أو عائلاتهم وبغية عدم اتاحة الفرصة لمرتكبيها من الإفلات من العقاب ولعدم تشجيع الاخرين على ارتكابها ولغرض زيادة مبلغ الغرامة على العقوبة المستبدلة او التدبير شرع هذا القانون.
وقانون التعديل الذي تكونت منظومته التشريعية من خمس مواد قانونية ، نصت المادة (1) منه على الغاء البندين (ثانيا التي استثنت الجريمة الارهابية التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة وجريمة تخريب مؤسسات الدولة وجريمة محاربة القوات المسلحة العراقية وكل جريمة ارهابية اسهم بارتكابها بالمساعدة او التحريض او الاتفاق. لتحل محلها فقرتان اعتمدت تاريخ 10 / 6 / 2014 اساسا في تحديد اثار جريمة الارهابية فاستثنت الجريمة متى ما وقعت بعد التاريخ المذكور في حين عدت الجريمة مشمولة بالقانون قبل التاريخ المذكور اذا لم يترتب على ارتكابها قتل او عاهة المستديمة، فجاء النص بالفقرتين وبالنحو التالي :
1- الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (13) لسنة 2005 المرتكبة بعد 10/6/2014.
2- الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (13) لسنة 2005 المرتكبة قبل 10/6/2014 التي نشأ عنها قتل أو عاهة مستديمة . وقد جاء تعريف الارهاب في المادة (1) من قانون مكافحة الارهاب (كل فعل إجرامي يقوم به فرد او جماعة منظمة استهدف فردا او مجموعة افراد او جماعات او مؤسسات رسمية او غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة او الخاصة بغية الاخلال بالوضع الامني او الاستقرار والوحدة الوطنية او إدخال الرعب او الخوف والفزع بين الناس او اثارة الفوضى تحقيقا لغايات إرهابية). وجاءت المادة (2) في تحديد الافعال الارهابية بسبع فقرات وضع أسسها التعريف المذكور.
وسادساً والتي استثنت جرائم الخطف التي نشأ عنها موت المخطوف او مجهولية مصيره او احداث عاهة مستديمة وحل محلها (جرائم خطف الاشخاص) بمعنى ان جريمة الخطف مستثناة من قانون العفو العام بالمطلق.
في حين نصت المادة (2) منه على تعديل البندين (اولاً) والتي كانت تنص (للنزيل او المودع الصادر بحقه حكم بات وامضى ما لا يقل عن ثلث المدة المحكوم بها طلب استبدال المدة المتبقية من العقوبة او التدبير بالغرامة.) وتمت اضافة جريمة تزوير المحررات الرسمية التي أدت الى حصول المزور على درجة مدير عام فأعلى في ملاك الدولة ) وثانياً بزيادة مبلغ الغرامة عن كل يوم سجن من عشرة آلاف دينار الى خمسين الف دينار ) والغى البند تاسعا الذي استثنى بعض المحكومين من حق استبدال المدة المتبقين من العقوبة بغرامة مالية.
تاسعاً- تسري احكام هذه المادة على المشمولين بالبنود (سابعاً وثامناً وحادي عشر وثالث عشر) من المادة (4) من احكام هذا القانون وهذا يعني منح حق استبدال مدة العقوبة لجميع المستثنين من قانون العفو رقم 27 لسنة 2016 بالمادة (4) منه . في حين عدلت المادة (3) من قانون التعديل البند اولا من المادة (تاسعاً) من قانون العفو وذلك بإضافة (تدقيق الاحكام والقرارات الصادرة في الدعاوى التي اكتسبت قراراتها الدرجة القطعية او قيد التحقيقات التمييزية ) وهو بناء جديد للبند اولا من المادة تاسعا الذي كان ينص.
اولاً- للمحكوم عليه بجناية أو جنحة بمن فيهم مرتكبو الجرائم المستثناة بالمادة (4) من احكام هذا القانون ادعى انتزاع اعترافه بالإكراه او اتخذت الاجراءات القانونية بحقه بناءً على اقوال مخبر سري او اعتراف متهم اخر الطلب من اللجنة المشكلة في البند (ثانيا) من هذه المادة تدقيق الاحكام من الناحيتين الشكلية والموضوعية و الطلب بإعادة المحاكمة.
وللجنة سلطة تقديرية في القيام بإعادة التحقيق في الدعاوى المنظورة من قبلها. وهو في نظرنا تأكيد على اعادة النظر في الاحكام والقرارات المكتسبة درجة البتات والتي لم تشفع لها النصوص القانونية في المعالجة ومنح ذلك طريقا لها وان كان هذا الطريق مرتهنا الى رؤية وسلطة اللجنة التقديرية وهو اتجاه يمنح اللجنة صلاحيات اكثر من صلاحياتها ويمنحها علوية على قرارات محكمة التمييز التي صدقت القرارات والاحكام القضائية وهو اتجاه اريد له ان يكون كذلك، ويؤكد ذلك عدم التطرق او الاشارة لهذا التعديل في الاسباب الموجبة.
كما ان المادة (5) من قانون التعديل اعادت القانون باثر رجعي في التنفيذ لذات تاريخ تنفيذ قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 وهو امر سيصيب العدالة في التطبيق بمقتل فمن شمله العفو تطبيقا بالتاريخ المذكور وعن الجريمة ذاتها سيستثني آخرين .
ان قانون العفو العام هو قانون يجد حضوره في الدول غير المستقرة امنيا واجتماعيا واقتصاديا وهو قانون غايته البحث عن مساحة تأهيلية اجتماعية بجلباب قانوني لمرحلة مستقبلية تنشد المصالحة والسلم المجتمعي وهو امر في غاية الروعة ولكن التطبيق العملي لقرارات العفو العام السابقة منذ قرار العفو العام رقم 225 في 20/10 /2002 مرورا بقانون العفو رقم 19 لسنة 2008 وحتى العفو رقم 27 لسنة 2016 لم تأت أكلها بما تشير اسبابها الموجبة وبالتأكيد ان ذلك يشير الى ان قانون العفو وحده غير كاف لتحقيق اهدافه اذا لم تسبقه وترافقه وتلحقه منظومة اجتماعية واقتصادية وثقافية وقبلها سياسية عامله بروح القانون والمواطنة لتحقيق العدالة وبناء دول المؤسسات.
قراءة في قانون التعديل الأول لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016
التعليقات مغلقة