هاني حبيب
ينشر بالاتفاق مع صحيفة الأيام الفلسطينية
نعم، هناك جديد، في البيان الذي أصدرته حركة حماس، الأحد الماضي من القاهرة والذي أعلنت فيه إلغاء اللجنة الإدارية لقطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق الوطني برئاسة الحمد الله للعودة إلى القطاع والقيام بواجباتها الحكومية والاستعداد لعقد انتخابات عامة. في أول تعليق له، قال مسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد، إن هذا البيان لا يحمل أي جديد، مع أن هذا البيان حمل كل جديد من حيث أنها المرة الأولى التي لم تضع حركة حماس شروطاً لإلغاء لجنتها الإدارية ودعوتها للحكومة القيام بدورها في قطاع غزة، لكن الأحمد عاد ليعترف بهذا الجديد من خلال رئاسته لوفد حركة فتح إلى القاهرة وتصريحاته المرحبة بالتوازي مع تصريحات ومواقف فتحاوية وفصائلية رحبت بهذه المبادرة من قبل حركة حماس والتي من دون شك كان للقاهرة الدور المركزي الأساسي في هذا التحول الذي من المنتظر، أن يتم البناء عليه إذا ما خلصت النوايا للتوصل إلى إنهاء الانقسام.
نعم، هناك جديد، ويتمثل فيما أفرزته وثيقة حركة حماس التي تم الإعلان عنها من قبل الحركة قبل بضعة اشهر، تبنت من خلالها عملية مراجعة سياسية وأيديولوجية تقريباً وباتت أكثر مرونة وقدرة على التعاطي بنحو واقعي مع المستجدات السياسية والمتغيرات الإقليمية والدولية، على أمل أن تصبح حركة حماس أكثر قبولاً من المحيط الإقليمي والدولي من ناحية، وتوطئة لشطبها من قائمة الارهاب الأميركية.
نعم، هناك جديد، ويتمثل فيما أفرزته الانتخابات الداخلية لحركة حماس قبل بضعة أشهر، وكان من نتيجتها ما أفرزته من وصول رئيس لمكتبها السياسي، الأستاذ إسماعيل هنية من قطاع غزة، ووصول الأخ يحيى السنوار رئيساً للحركة في قطاع غزة، قيادتان جديدتان أكثر انفتاحاً وتفهماً وتعاملاً مع المستجدات والمتغيرات على المستوى الداخلي الفلسطيني، والعربي والإقليمي والدولي، الانفتاح بنحو غير مسبوق، والمترافق مع إجراءات عملية للمرة الأولى مع جمهورية مصر العربية، خاصة في الجانب الأمني والذي تم التعبير عنه على الحدود بين مصر وفلسطين، كان ذلك ترجمة لهذا الانفتاح والقدرة على التعاطي بواقعية مع المستجدات.. على أن ذلك وفي كل الأحوال من دون الإقدام على أي تنازل عن ثوابت الحركة المتفق عليها في وثيقتها الأخيرة، بل ترجمة لها وتأكيداً على التمسك بها!
هناك جديد، جملة التحولات في الاستقطاب العربي المنطلق من الخليج العربي وحالة الاشتباك بين رباعية عربية ودولة قطر، بالتوازي مع دور «إماراتي» كبديل محتمل لدور قطري، اتجه نحو الجمهور الفلسطيني مباشرة من خلال تمويل المصالحة المجتمعية وهو ملف مؤثر في اطار المصالحة الشاملة، وهنا يظهر الدور المصري بكل قوته وتأثيره لترجمة التحولات الخليجية في اطار التفاهمات مع حركة حماس، الأمر الذي أدى إلى وصول الحركة إلى قرارها الأخير والذي يعيد للدور المصري المؤثر قدرته من موقع التسهيلات على قطاع غزة، إلى دور ريادي لتحرك سياسي، هو باعتقادنا سر وجوهر كل هذه المتغيرات والمستجدات!
هناك جديد ينطلق من إدارة ترامب، في جولته الأخيرة بين تل ابيب ورام الله، أشار كوشنير مستشار الرئيس الاميركي، وللمرة الأولى، إلى الأوضاع الصعبة في قطاع غزة وضرورة إيجاد حلول لها «برغم أنه لم يتناول هذا الأمر طوال المرات العديدة التي قام بها بجولات بين الفريقين، ومع وصول وفد حركة حماس إلى القاهرة قبل أيام، تحدث موسى أبو مرزوق، القيادي البارز في الحركة قائلاً: «الولايات المتحدة أسقطت الفيتو الذي فرضته على المصالحة الفلسطينية، ولم تعد تمثل عقبة أمامها» وفي سياق متصل لكنه أكثر وضوحاً وتحديداً، تحدث مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات في أثناء كلمته أمام مؤتمر الدول المانحة للسلطة الفلسطينية على هامش أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عن ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بإعادة السيطرة على قطاع غزة من قبل السلطة الفلسطينية، يقول «لقد حان الوقت لوقف مراقبة الوضع في غزة والبدء في تغيير الوضع هناك» وهذا يتطلب «عزل حركة حماس» وسيساعد المجتمع الدولي في تغيير الوضع في قطاع غزة.
كل ذلك في سياق عملية سياسية من نوع جديد، اتخذتها إدارة ترامب لاستئناف عملية تفاوضية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي تقود إلى السلام حسب المفهوم الأميركي ـ الإسرائيلي.
إن قوة الدفع باتجاه المصالحة كبيرة ومؤثرة على كل الأطراف الرئيسة والفرعية، إلاّ أن العقبات ما تزال قائمة، والأيام القادمة ستكشف مدى قدرتنا كفلسطينيين على التقاط الفرص المتاحة لإنهاء الانقسام!
«تفكيك» الانقسام.. و»تركيب» العملية السياسية!
التعليقات مغلقة