نظرة على القضاء الدستوري

إياس الساموك
كاتب في الشؤون القانونية
على صعيد الوطن العربي فقد منحت المادة (١٩١) من الدستور المصري للعام ٢٠١٤ المحكمة الدستورية استقلالاً مالياً وادارياً، في حين ان المادة (١٩٢) منه قد اكدت ان هذه المحكمة تتولى من دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين واللوائح فيما اعطت المادة (١٩٥) من الدستور قراراتها سلطة الالزام والقطعية على جميع السلطات المصرية.
وبرغم سكوت الدستور الكويتي عن وجود جهة قضائية مختصة بالقضايا الدستورية، الا ان القانون رقم (١٤) لسنة ١٩٧٣ المعدل تضمن تشكيل المحكمة الدستورية الكويتية التي تمارس الاختصاصات الدستورية حيث نصت المادة الاولى من هذا القانون «تنشأ محكمة دستورية تختص من دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزماً للكافة ولسائر المحاكم».
وفي المملكة الاردنية الهاشمية فقد نص قانون المحكمة الدستورية لسنة ٢٠١٢ في (المادة الرابعة) منه على اختصاصين وهما: الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور، ونص على تشكيل هذه المحكمة وعلى عضوية قضاتها ومدتهم مدى الحياة. وعرفت سوريا المحكمة الدستورية أيضا فقد حددت اختصاصتها المادة (١٤٦) من الدستور السوري وابرزها الرقابة على دستورية القوانين والمراسيم التشريعية واللوائح والأنظمة، ومحاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى، واضاف المرسوم التشريعي رقم (٣٥) لسنة ٢٠١٢ اختصاصات اخرى منها البت في طعن من لم يفز بعضوية مجلس الشعب. وفي العراق، الذي بقى بعيداً عن وجود جهة قضائية تعنى بالقضايا الدستورية، حتى تشكيل المحكمة الاتحادية العليا بموجب القانون رقم (٣٠) لسنة ٢٠٠٥ الذي حدد اختصاصات هذه المحكمة وتشكيلها وكرسته المادة (٩٣) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ فهي تختص بـ: الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور ولها صلاحية الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية.
كما تتولى المحكمة الاتحادية العليا بموجب الدستور الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، والفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات، والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وفقاً لقانون، الان أن هذا الاختصاص لم يفعّل لعدم صدور قانون بذلك وهذا ما اكدته المحكمة في قرارات صدرت عنها منها الحكم الصادر بالرقم (٦٥/ اتحادية/ ٢٠١٧).
وخولها الدستور المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب، والفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم،
وان الفقرة (ثانياً) من المادة (٥٢) من الدستور تضمنت اختصاصاً آخر هو النظر في الطعن بقرار مجلس النواب في صحة عضوية أعضائه أمامها خلال (٣٠) يوماً من تاريخ صدوره.
مما تقدم نجد أن المحكمة الاتحادية في العراق قد واكبت اختصاصات القضاء الدستوري للدول المتقدمة، بل أنها اشتركت معه في الموضوعات الرئيسة لاسيما المتعلقة بالفصل في دستورية القوانين وتفسير النصوص الدستورية وكذلك الفصل في الاتهامات الموجهة لكبار المسؤولين في الدولة العراقية، وبهذا فقد اخذت مكانها في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية في الوطني العربي واسهمت في تطوير وتعزيز القضاء الدستوري العربي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة