سنين «هيلة «

هزمتها الايام وهجرها الاهل والأحبة لا مأوى لها ولا مسكن، لا تملك من هذه الدنيا سوى خرقة بالية تستظل بها من اشعة الشمس في أحد الاحياء الاكثر فقراً في محافظة الديوانية التي تصدرت قائمة المحافظات الفقيرة في العراق.
« هيلة « امرأة خمسينية حفر الزمن ملامح وجهها الذي تحجر من كثرة تعرضه للهيب الشمس واستوى وجهها جنوبياً بامتياز بكل ما يحمل من حزن واسى ومعاناة على امتداد ارض سومر.
بعد ان توفي والديها الذين كانا كل دنيتها، لم يذكرها أحد من اقاربها أو يسأل عنها.
اتخذت من العراء بيتاً لها ومن الخرق البالية خيمة لسترها، بيتها لا يحمل أي نوع من المأوى الصحي او الانساني لا تملك سوى ثوبها وعباءتها التي ستحال لونها سحنتها « هيلة « تعتاش على الصدقات وتستحم في حفرة في العراء تتولى الكلاب حراستها بعد ان هجرها كل ذويها.
تحلم ان يكون لها سقف غرفة لا أكثر يأويها وارض ناعمة تمد جسدها الصلب فوقها بعد ان أعيتها قساوة تربة مدينتها الصماء.
تحلم ان تملك تلفاز وثلاجة وحمام وصنبور ماء لكي تشرب منه من دون الحاجة الى ان تستجدي الماء.
هي والعشرات من امثالها ممن اتخذن من العراء ومكبات النفايات بيتاً لهن بعدما عجزن من ايجاد مأوى حقيقي لهن، اذ لا عرف يستفيق ولا قانون يحمي او يوفر مأوى لكل من ضاقت به الارض بما رحبت.
لا حقوق ولا ضمانات ولا أدني مستوى من الخدمات لحياة كريمة تطمح مئات النساء بتوفيرها لهن، لاسيما وهن الفئة الاكثر عرضة للمعاملة اللاإنسانية والارهاب والعنف في المجتمع بعد ان خيم الفساد والجهل على كل مفاصل الحياة.
وسادت ثقافة التجاهل لمعاناة الفقراء التي لا تظهر المطالبات بتحسينها الا عند وقت الانتخابات من السياسيين الذين باعوا واشتروا معاناة الفقراء بأبخس ثمن والمضحك المبكي ان اغلب هؤلاء السياسيين ومعتلي منصة الحكم هم من ابناء الفقراء والكادحين.
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة