حذام يوسف
عند ذهابي الى العمل، او عند القيام بأي نشاط ثقافي او اجتماعي، يلفت نظري عدد الأطفال المتسربين من المدارس، او المتسولين في تقاطعات شوارع بغداد والذي ازداد عددهم بنحو لافت للنظر، أتساءل :هل ان دور الايتام كافية لكل هذه الاعداد؟ وهل هناك متابعة جادة لإيواء الايتام في هذه الدور؟ من الذي يقوم بهذه المهمة النبيلة والصعبة في الوقت ذاته؟.
من خلال العمل أيضا ونشاطاتي المدنية، أدركت ان من يحرك هذا الموضوع إيجابا ولمصلحة المجتمع، هو الضمير، قبل القانون الخاص بالدولة، فكثير من الحملات التي قام بها الناشطون المدنيون، كانت من وحي معايشتهم لعدد من الايتام سواء كان جاراً او قريباً او ابناء صديق، وأيضا الضمير هو من دفع عددا من العراقيين الى طرق أبواب منظمات المجتمع المدني لتفعيل موضوع دعم دور الايتام.
قبل أيام قررت ان أزور احد دور الايتام في منطقة الوزيرية، وهي من الدور المهمة الرسمية التي تدعهما الحكومة منذ عقود، وبالفعل لملمت اوراقي وفي ذهني عدد كبير من الأسئلة التي تتعلق بموضوع اليتم ودور الايتام، والاهل ودورهم في إيداع أطفالهم، وكيف ان بعض الائلاتل تتخلى بسهولة عن الأطفال من دون إحساس بالمسؤولية وتأنيب الضمير، عدد كبير من التساؤلات لم اجد لها جوابا، لأني عند وصولي لتلك الدار، ودخولي لباحتها، لم اجد غير مجموعة عائلات، متفرقة على غرف الدار، وأطفال يلعبون تحت حرارة شمس تموزية تجاوزت (45) درجة مئوية!، فذهبت الى كابينة متواضعة يبدو انها للحرس الخاص بالمكان، وسألت احدهم بلباس عسكري، فأجاب الاخر صاحب اللباس المدني، بسؤال: كيف دخلت الى هنا؟! ، من باب البوابة أجبته، وتنقلت بالساحة علّني اجد مكانا خاصا بالإدارة ولكني لم اجد غير غرف مزدحمة بالأطفال، فكررت سؤالي عن وضع الدار وأين يمكن أن أجد المدير للبحث حول موضوع الدعم والمساعدات، وكيفية التعامل مع الأولاد، ولكني تفاجأت من الشباب (الحرس) بقولهم ان الدار الان لا تضم سوى العائلات النازحة ! .. طيب والأطفال الايتام، والإدارة. اين ذهبوا؟! .. أتاني الجواب صادما، ان الدار بكل مرفقاتها انتقلت الى أحد دور المسنين!!، كيف ذلك؟ وماهي الالية التي سيتم التوزيع على أساسها؟ فدور المسنين مكتظة بساكنيها، فكيف سيكون التقسيم على هذا الأساس؟ ، أتساءل هنا: هل دور المسنين مكان مناسب لإيواء الايتام؟، وهل ان الدولة عجزت عن توفير البديل للنازحين ولم تجد غير دور الايتام؟!!
هي دعوة لكل المعنيين ومن يهمه أمر ايتام العراق، الى الوقوف وقفة جادة، لتنظيم وضع دور الايتام وصيانتها من أي عبث مادي او معنوي.