الإرهاب وجذور التأريخ

يبدو السؤال مهمّا.. هل أسباب ظهور الإرهاب وجود الاستبداد وضرب الثقافة الوطنية وتكميم الأفواه؟ أم ثمة أسبابٌ أخرى تتعلّق أساساً بضرب الثقافة؟
لابد من إحاطة الجواب ببعض جوانبه لأنها عديدةٌ إن كانت هناك وقفةٌ لكلّ ملامح الاستبداد والإرهاب على حدٍّ سواء. فكلّ استبدادٍ هو إرهابٌ وكلّ إرهابٍ هو استبدادٌ ولذا يمكننا القول إن الإرهاب استغلّ الاستبداد والطغاة وما يفعلونه في البلدان التي تشهد هكذا حكم.. ولذا نرى إن الإرهاب ليس وليد اليوم بل وليد التاريخ ذاته.. ولأن الإرهاب ارتبط بعصرنا الحالي بمفهوم التحكّم الديني وما أنتجه الفقه المتعصّب، فإن هذا أيضا ليس وليد وجود الطّغاة بل هو يمتد الى عمق التاريخ وعمق تأسيس الدول التي تحتضن الإرهاب.. وإلّا هل يمكن لنا القول إن الإرهاب الذي تشهده أوروبا في الوقت الراهن هل هو وليد الاستبداد؟ وهل إن بعض مواطني هذه الدول الغربية خارج المنظومة الثقافية الاسلامية حين ينخرط أبناؤها في الفكر المتعصّب كان بسبب الاستبداد السلطوي؟ إن مقولة الارهاب قديمة تأتي بعد ان استغل الفكر المعارض الجمود العقلي الذي صنعه الطغاة داخل المنظومة المجتمعية ليتحرّك بحريةٍ ويستغفل العقول ويحرّض القاتم في الدواخل الإرهابية لتكون بديلاً عن الوضوح الانساني.. ولكن من جهةٍ أخرى لا يمكن نكران إن السلطات الاستبدادية اسهمت بنحو كبير في طغيان حالة الكراهية بين المواطنين أنفسهم بل وصلت في التعصّب الى الكراهية بين أفراد الأسرة الواحدة لأنها تميت الفعل الثقافي وتثوّر الفعل الخانع في الوعي والثقافة والإدراك.. حتى إذا ما حصل التغيير في البلدان العربية التي سبقها العراق منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي ثم عام 2003 وما حصل بعدها في تونس ومصر وليبيا وغيرها بما يعرف بالربيع العربي حتى ظهر الباطن المدفون في عمق التاريخ وما استغلّه المتعصّبون من واقعٍ جديدٍ يراد استثماره ليكون هو المهيمن بغياب الوعي والثقافة التي تحكم بعقلانية ومؤسساتية ولأن السبيل الى العقل العام الجمعي الفقير الضعيف الاجتماعي والخامل الثقافي والكاره لكل ما هو سلطوي وثقافي أيضا فيتم استدراجه بأحكامٍ دينيةٍ وعقائديةٍ لأنها الأقرب الى مثل هذه العقول التي تجد في مثل هذه الأفكار والاجندات متنفّساً جديدا لكبت الممارسة الحياتية التي أهدته الفقر والعوز والمرض والجهل، ثم أن الذهاب الى الغيبيات هو أقصر الطرق الى استملاك العقول.. وعلينا ألّا ننسى إن هذه الظروف المشتركة للاستبداد والتغيير الفوضوي والاستغلال لم تترك مجالاً لمعرفة إن كلّ هذه الأشياء هي متحرّكة من قوّةٍ عالمية لا تريد أن يكون في هذه الثقافة ما هو خارج التحكّم بالقيادات مثل الدمى، ولذا ابتدعت حروب الإرهاب لتجمع كلّ الإرهابيين في العالم في بعض الدول كسوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن وحتى دول الخليج التي فيها كما هو متوقّع خلايا نائمة سيحين تحريك خيوطها، وهذه ليست مناطة بنظرية المؤامرة، بل هي الحقيقة التي ستظهر في المستقبل.
علي لفته سعيد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة