اياد محسن ضمد
قاضي عراقي
الرقابة على دستورية القوانين تكاد ان تكون الضمانة الأهم لآمرين أساسيين أولهما ضمان انفاذ النص الدستوري والذي يمثل إرادة الشعب وثانيهما منع السلطة التشريعية من تجاوز صلاحياتها المحددة دستوريا . أن السلطة التشريعية تمثل الشعب في الأنظمة الديمقراطية لكن هذا التمثيل محكوم ومقيد ابتداء وانتهاءا بنصوص دستورية ترسم وتحدد مهامها وصلاحياتها على مستوى الرقابة على اعمال الحكومة وسن التشريعات وأن هي أي السلطة التشريعية تجاوزت صلاحياتها الدستورية فلا وسيلة لإيقافها وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح إلا بوجود محكمة دستورية عليا تمارس الرقابة على أي مخالفة أو تجاوز على الدستور, والدساتير في النظم الديمقراطية اعطت المحاكم الدستورية سلطات واسعة وقوة كبيرة بتفسير الدستور وإلغاء أي نص أو تشريع يتعارض وأحكامه , والأساس المنطقي لهذه الرقابة هو أن الدول تتخذ من القوانين وسيلة لبناء المؤسسات وحماية الأمن والحقوق والحريات ولا يمكن قبول فكرة أن يطبق قانون وهو مخالف للدستور كذلك فإن الوظيفة الأساسية للقضاء هي تطبيق القانون فكيف تطبق المحاكم قوانين تخالف الدستور وبهذا الصدد يقول أحد فقهاء القانون الإنجليزي ان المجالس التشريعية تستطيع أن تجعل الذكور اناثا والإناث ذكورا أو تشرع قوانين تقوض الحقوق والحريات إلا أن وجود المحاكم الدستورية هي الوسيلة الناجعة لإلغاء أي نص يتعارض مع حقوق الأفراد المكفولة دستوريا سيما وأن رقابة القضاء على دستورية القوانين هي رقابة مهنية مستقلة يقوم بها أشخاص يمتلكون أدوات ومعارف قانونية كبيرة و في العراق كان للقضاء الدستوري العراقي ممثلا بالمحكمة الاتحادية دور ريادي في فرض الرقابة على القوانين المخالفة للدستور أما لكون تلك القوانين خالفت الأسس التي قام عليها الدستور أو لانها شرعت باتباع مجلس كالنواب آليات تشريع تختلف مع ما منصوص عليه دستوريا متجاوزا بذلك على صلاحيات السلطة التنفيذية في إعداد مشاريع القوانين وتقديمها لمجلس النواب لتأخذ طريقها للتشريع وبهذا الصدد فقد قضت المحكمة الاتحادية في الدعوى المرقمة42/ اتحادية / 2014 بعدم دستورية المادة (35) من قانون التقاعد الموحد وإلغائها كون مجلس النواب شرع المادة المذكورة بشكل مغاير لمضمونها المذكور في مشروع القانون المرسل من مجلس الوزراء كذلك قضت المحكمة الاتحادية في الدعوى المرقمة 114/ اتحادية / 2013 بعدم دستورية المادة (25) من قانون هيئة دعاوى الملكية وتعطيلها لأنها أخلت بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحصول على تعويض متساو وبذلك خالفت المواد (14) و( 19/ سادسا) من الدستور وبهذه القرارات فقد منعت المحكمة الاتحادية نفاذ نصوص قانونية تعارض المبادئ التي نص عليها الدستور من جهة وقضت بعدم دستورية تشريعات مجلس النواب التي لم ترسل من الحكومة وفيها جنبة مالية او تتعارض مع البيان الوزاري الذي نالت الوزارة الثقة من مجلس النواب على مفرداته او تعارضت مع استقلال القضاء او مع مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة (47)في الدستور من جهة أخرى وهي بذلك قد أرست ورسمت مبادئ قضائية مهمة في الرقابة الصارمة على دستورية القوانين كون القضاء هو الحامي والمدافع عن مبدأ الشرعية المتمثل بالتطبيق الأمثل للنصوص الدستورية والامتثال لما جاءت به من مبادئ واحكام.
قضاؤنا الدستوري
التعليقات مغلقة