منذ فجر التاريخ والانسان يتمسك بقوى خفية ,يخفف من خلالها عن خوفه وقلقه، ليشعر بالحماية والامان ,بدءا بعبادة الاوثان وصولا الى المذاهب والاديان . لكل دين او مذهب صورة واضحة خاصة به ,ان كان على مستوى الارث الديني، او الطقوس والخطاب،وقد اتاحت صورة الطقس الديني فرصة الاندماج في الوجدان العام لدى الشعوب على اختلاف عاداتهم وطقوسهم ،حتى باتوا يعرفوا بعضهم البعض من خلال الممارسات الدينية.
عندما نقرأ أقوال الحكماء والعارفين ، نستطيع الفهم والتمييز، من دون ان ننغّر من ادراك واختلاف المسالك،فمن بين طبقات التاريخ المكتوب يتبين لنا بأن الدروز هم خليط من القبائل العربية نشأت في مصر وهاجرت الى بلاد الشام ،واستقرت في «سوريا ،لبنان ،الاردن وفلسطين» ، هي فرقة باطنية تؤله الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ، أخذت جلّ عقائدها من الاسماعيلية حيث نسبت الى نشتكين الدرزي، يعملون بسرية أفكارها التي هي غاية في المعرفة والحق،هو لا ينازع اي دين ، مبدأه التعرف على الذات الجوهرية من خلال تحليل كوني ، ومفهوم الخالق والخليقة ومن المفهوم الفكري لروح الكون.
الديانة الدرزية هي ديانة توحيدية ، يؤمنون بالله الأحد ، هي ليست ديانة جديدة، انما ظاهرة متجددة من الايمان القديم بنسبة أكثر صفاء ،فيما نجد أن اسرار الديانة الدرزية معروفه لدى العقال ، لديهم طقوس خاصة بهم يمارسوها في مكان الصلاة «الخلوة»،ويسمح للعقال الصلاة فيها دون غيرهم، والمعروف بأن الديانة الدرزية تؤمن باله واحد وكذلك بمبدأ «التقمص» ويؤمنوا بالزواج الاحادي ، أهم اعيادهم هو عيد الأضحى الذي يتم الاحتفال فيه مع العيد الاسلامي، أما بالنسبة للميراث فهناك وصية، وفي حال وفاة الموصي دونها تعود التركة الى اعتماد وتشريعات المذهب الحنفي ، من عاداتهم ايضا» الباس الاموات اجمل الثياب ووضعهم في توابيت فارهة وتبدأ الصلاة بتلاوة سورة الفاتحة.
يتداولوا كتب الحكمة بالنسخ اليدوية ، ايمانا منهم بأن الطبع يساهم في سوء تفسير رسالتها وتشويهها وتحريفها على ايدي ضعاف العلم ،هناك مقامات ومزارات يقدسها الدروز،أما مشايخ الدين الذين لهم مرتبة عالية يعتمرون اللفة المدورية التي لا تعتمر على هامة احد من العقال ،ولم تشهد في تاريخ العقيدة الدرزية الا أربعة مشايخ فقط لبسوا المدورة وهم « الامير عبد الله التنوخي» «وابو يوسف طريف» في فلسطين والشيخ ابو
حسن عارف حلاوي»في لبنان والشيخ ابو محمد جواد ولي الدين .من العائلات الدرزية العريقة في لبنان التي لمع اسمها في التاريخ ، آل نكد، تلحوق ،عبد الملك ، وعماد وجنبلاط، عداك عن المعنيين ،الارسلانيين،البحتريين والتنوخيين الذين حكموا لبنان خلال حقبة طويلة من الزمن.
لقد حافظ الدروز في القرى العربية والدرزية على تراثهم وعلى تاريخهم المرتبط بتاريخ الشعب العربي، وساروا فى طريق «الاصلاح الاقتصادى» والسلام ،هي طائفة مسالمة تسير نحو الانفتاح والعقلانية والتشجيع على الاطلاع والتعمق المبني على الفكر ،المنطق ،الفهم والادراك.الدين بالنسبة اليهم ليس ايمان اعمى، بل هو ايمان عاقل.
لا يمكن عدّهم رقما» هامشيا»، بكل مجتمع هم جزء فيه مهما شكلوا بنسبته العددية ، واثرهم الايجابي المجتمعي ظاهر للعيان لكل مطلع ، الى ان اصبحوا فيه قبه الميزان ، لهم نكهة مجتمعية تبقى طاووسية الطعم تفوح بالاشتراك مع جميع اهل الوطن بلا استثناء ، منهمكين بصنع الحياة واعادة بناء الانسان والعمران .
*كاتبة لبنانية
ايمان عبد الملك