الشخصية الريفية وصناعة الدراما

يبدأ الفن من حيث تبدأ الفكرة.. وتبدأ الفكرة من حيث يبدأ التفكير ويبدأ التفكير من حيث يحدث التدوين.. والتدوين يحدث من حيث احترام الفكرة وحيثياتها ومراميها وقدرتها على صناعة رأيٍ وأن اختلف ومهد وصعد وتشعب وتسع في التأويل شريطة ان يبقى كل شيء في الفكرة وصناعتها وتدوينها احترام الآخر الذي سيطلع عليها وعلى أهدافها ومقاصدها ما دام النص حمال أوجه ولكن كطل وجه لا يختلف في الاحترام وأن تقاطع في الرأي والتوصل الى نتائج..
الفن موضوعة خطرة جداً واقصد بالفن هو التمثيل سواء كان منه مشهدا او مسلسلا أو تمثيلية وحتى برنامج تلفزيوني إذا ما تم عد كل ما يعترض في الفضائيات يقدم موضوعة ومكمن الخطورة انه أي الفضائيات ليست اقتناء مثل الكتاب بل هو المكان الذي تعرض فيه ما ينتجه الآخر ويبحث عن شيء فيه يعوضه عن الكثير من الاشياء التي يبحث عنها سواء ما كانت علمية او أدبية أـو ثقافية او دينية وكذلك الفنية ومكمن الخطورة ايضا إذا كانت هذه البرامج الفنية بما فيه المسلسلات لا تؤدي واجبها بكونها رسالة حتى لو كانت كوميدية فتكون النتائج عكسية بنحو قد لا يفكر فيها من اشترك في العمل خاصة إذا ما اصر المشتركون بدءا من المؤلف الى الممثل الى المخرج والمنتج على الاستمرار بذات النهج الذي يعتقد انه يقدم فيه شيئا كوميديا يأتي في وقت ان الانسان العراقي بحاجة الى بسمة من دون ان تكون هذه الرسالة قادرة على التمساك والامساك بمعناها وقصديتها الكوميدية بشكل لا تترك للتأويلات الأخرى او النتائج .. ومكمن الخطورة في تلك الحالة العكسية ان المؤلف قبل كل شيء لم يأخذ في الحسبان طبيعة الانسان العراقي وممّ يتكوّن وبالتالي فان هذا الجهل أو التجاهل إن صح القول قد تسبب في طغيان حالة من الاستهزاء على جزء معين من الناس أو مدينة او بقعة معينة من البلاد.. وما نعني به بالتأكيد هي المسلسلات التي تتخذ من الريف تأليفاً ومن التمثيل كويميديا ومن الكوميديا سببا للضحك الذي يسرف فيه الممثل الكوميدي الذي هو بعد إضحاك الناس يفقد قيمته كصاحب رسالة حتى وأن توهم ان هناك من يقول له أحسنت فهؤلاء قلة لأن الأمر ان تطور وزاد عن حده وتكرر فان ذلك يعني وجود هدف تسطيح من يعيش في هذا الجزء المعين وهو لا يستطيع ان يؤلف أو يمثل أو ينتج أو يخرج بذات الكوميديا على جزء آخر من البلاد.. وكان شخصية ابن الريف هنا تحديداً هي شخصية قابلة للاستخفاف او استغلالها كوميديا.. وهو الامر الذي يعني ان الفن فقد رسالته وإن تأثر مثلا في المسلسلات المصرية التي تستغل ابن الصعيد او الصعيدي في مثل هكذا مسلسلات أو افلام متناسياً ان المجتمع المصري يختلف عن المجتمع العراقي فهو اي المصري لا يترك مكاناً لا ينتقده بطريقة لا يستخف فيها ولا يركز على منطقة من دون أخرى ولا غاية محددة.
إن الإسفاف الذي تقدمه بعض الفضائيات يندرج ضمن الكوميديا الاستخفافية التي تحتاج الى معالجة فنية لا يعني عدم تناول الفن لمثل هكذا مواضيع ولكن ان يتم التقديم بطريقة الفن الذي يخدم الشعب.
علي لفته سعيد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة