الجميع اليوم يتحدث عن الحرب الاعلامية مع داعش، والقليل يشير الى الحرب الفكرية، ولكن من النادر ان تتم الاشارة او الحديث عن الجانب الاخطر في هذه المواجهة الا وهي حرب المفردات، او حرب الكلمات، او حرب المصطلحات، بين اعلامنا واعلام التوحش الذي تنتهجه داعش كجزء من منظومتها الجرمية.
والاخطر في حرب المفردة اننا لانمتلك ادوات تحسس للنصر او الهزيمة فيها، ويمكن للعدو ان يحقق اهدافه في حرب المصطلحات حتى بعد ان نتمكن من القضاء عليه، وبرغم انها ليست بالنوع الجديد من الحروب الا اننا لم نكن موفقين في ادارتها والتعاطي معها.
تعود جذور حرب المصطلحات او المفردات الى الصراع العربي الصهيوني، واختلاف تسمية الاحداث، والرمزيات، والاماكن بين الصهاينة والعرب الذين رضخوا اخيرا الى القاموس الصهيوني الذي يسمي (ميناء العقبة) بـ (ايلات)، و(حرب تشرين) بـ (حرب الايام الستة)، و(الوطن العربي) بـ (الشرق الأوسط) وشمال افريقيا)، و(سكان فلسطين الاصليين) بـ (عرب اسرائيل)، وغيرها من المفردات التي اخذ يتعاطاها الاعلام العربي من المحيط الى الخليج.
وهكذا هو الحال مع داعش التي تهتم كثيرا بهذا النوع من الحروب، فهم من استعان بمفردات صدر الاسلام، وتطويعها وتوظيفها كادوات للغة الاعلامية، ولغة الخطاب الداعشي، بهدف التأثير النفسي والمعنوي في الجمهور، وكذلك خلق ارتباك في المفاهيم لدى وسائل الاعلام العربية والعالمية التي اخذت منذ سنوات تقتبس عبارات ومفردات دفع بها داعش لتأخذ مكانها في اللغة الاعلامية المتداولة.
فبدءاً من مصطلح (الدولة الاسلامية) او (تنظيم الدولة)، مروراً بمصطلح (الجهاد) و(الجهادي) و(المجاهدين) و(الجهاديين) تعبيراً عن (الارهابيين) او (المجرمين) ثم مصطلح (السبي) و(السبايا) تعبيراً عن النساء (المخطوفات) ثم (مضافة) تعبيراً عن (الوكر).
إضافة الى مصطلحات اخرى مثل النفير، الغزوة، البيعة، الثغور، المرابطين، الردة، الفتح، الولاء ومن المهم ان يتوقف الاعلام عن تداول هذه المفردات ويبحث عن مفردات اخرى أكثر ملاءمة لوصف افعال هذه الزمرة المجرمة.
وقد نجحنا من خلال مسؤوليتنا في رئاسة اللجنة العربية الدائمة للاخبار مع زملائنا الخبراء والمختصين، في اعداد جدول المصطلحات الموحد الذي تبناه اتحاد اذاعات الدول العربية رسميا ويتم توزيعه الان على تلفزيونات الدول العربية لاعتماده وساتحدث عنه في عمود لاحق باذن الله.
عباس عبود سالم
حرب المفردة
التعليقات مغلقة