خواطر..

لا مستحيل في السياسة، لكن للمستحيلات ثمن باهظ، بينها ماء الوجه احياناً، وكان ميكافيلي يقول انك عندما تقدم على التنازل في ميدان السياسة فلا تضع باعتبارك اعتراضات الاخلاق ولا تتمترس عند ما كنت تقوله في وقت سابق، فان المصلحة العليا –يقول ابو البراغماتية- تبرر لك كل شيء.
لكن اسوأ السياسيين، في النتيجة، هم المتقلبون، المنكفئون عن اقوالهم ومواقفهم، ولم تستطع كل تبريرات ميكافيلي انقاذ سمعة سياسي واحد بلا مصداقية.
في الحديث عن انتخابات عام 18 فان التحالفات تضاهي كلمة «الصفقات» وتنزل منزلة العملة في السوق: لكل خطوة سعر، فيما يجري تداول مفردات وحدود واشكال التنازلات، كما الحال بالنسبة الى البضاعة: هات وخذ.
***
تشكيل لجنة لكل مشكلة، ولكل حادث، ولكل خلاف، بُدعة اخرى نضيفها الى بُدع كثيرة، حتى مر ما يزيد على عقد ونصف العقد من السنين في تشكيل لجان لحل مشكلات وخلافات واستعصاءات، لم تُحل، بل وتفاقمت اكثر، والطريف في الامر ان بعض اللجان صارت تعقد اجتماعاتها خارج العراق، وقد التقيت مرة بصديق قال انه جاء الى مصر في اطار لجنة (وهمس: تحقيقية) وقرأت تقريراً اثق بمصادره يقول ان اعضاء لجان تحقيقية نزحوا (وقل هربوا) الى خارج العراق، ومن هناك ارسلوا نتائج التحقيق الذي اجروه بصدد قضية تخص احدى المحافظات الوسطى.
وتؤكد التجارب الادارية الحقيقة التالية: حين تشكل لجنة لكل مشكلة فأنك لن تحل اية مشكلة..
***
«حميد جا» شاعر من سراييفو كان يردد في فزع من مشاهد الجثث: «كم هو غير لائق، وكم هو سخيف، ان نقارن بين درجات العنف واعداد الموتى» اما تقارير الامم المتحدة الدورية عن الاحوال الامنية في العراق، فان عبارة «تراجع اعداد الضحايا في الهجمات الارهابية» تثير فينا نوعاً من الارتياح، على الرغم من ان بين الضحايا (المتراجع عددهم) أمّ واب وثلاثة من ابنائهم، ولم يبق من العائلة غير طفلة بعمر اربع سنوات، فما هو معنى ارتياحنا ذاك؟.
***
حمل الكاتب المبدع رسمي رحومي الهيتي كتبه واوراقه وانتباهاته وعائلته الوافرة الافراد، وغادر هيت قبل ان يجتاحها تترٌ تدربوا على كل انواع الذبح «الاسلامي» مشيا اول الامر، ثم على ظهر حافلة حاسرة، مثل ذلك النقش المصري على الحجر الذي يعود الى اربعة آلاف سنة لعائلة سامية مهاجرة قسرا من جزيرة العرب الى وادي النيل.
رسمي، كان يريد، ويتمنى، ان يسافر بحرية الى مجرات أخاذة. لكن، قبل شهور سكت قلب رسمي قبل ان يتحقق حلمه، ثم، يا للفجيعة قبل ايام سكت قلب شريكته الصابرة ام حارث، وانشغلنا في تفسير عويل الحياة على نفسها، وعلينا.
**********
النجاشي للخليفة عمر بن الخطاب:
«ليس كل العباد تفهم ما تفهمه يا عمر»
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة