عن المحكمة الاتحادية العليا (الحلقة الثالثة- آليات تعديل الدستور)

إياس الساموك
كاتب وصحفي عراقي
تضمن الدستور العراقي آليتين لتعديله، الأولى نصت عليها المادة (126) تحت مسمى الأحكام الختامية، ويمكن عدها بمنزلة القواعد العامة للتعديل، لكنه في موضع آخر نص على قاعدة أخرى نستطيع تسميتها بأنها انتقالية واستثنائية وتنفذ لمرة واحدة فقط نصت عليها المادة (142) تحت مظلة القواعد ألانتقالية حيث وضعت لغاية معينة، ولظروف رافقت مرحلة اعداد واقرار الدستور وأخذت شكل الشرط من وجهة نظر المشرع الدستوري.
ومن خلال استقراء قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (54/اتحادية/2017) الصادر في (22/5/2017) في تفسير هاتين المادتين وهو جاء بطلب من رئاسة مجلس النواب، حيث صدر الحكم الدستوري بأن تطبيق آلية المادة (142) يجب أن يكون سابقا لتطبيق الالية الواردة في المادة (126).
المادة (142) وهي آخر الاضافات الواردة على الدستور ويبدو أنها وضعت شرطا يجب تنفيذه فقد أوردت طريقة لتعديل الدستور وهي بتشكيل مجلس النواب لجنة من أعضائه ممثلة للمكونات الرئيسة للشعب العراقي مهمتها تقديم توصية بتعديلات وصفت بأنها ضرورية على أن تعرض على اعضاء مجلس النواب دفعة واحدة للتصويت عليها بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.
والأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء بحسب قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (33/ اتحادية/ 2007) هي (النصف +1) لعدد اعضاء مجلس النواب سواء من الحاضرين أو الغائبين في جلسة مكتملة النصاب، أي موافقة ما لا يقل عن (165) نائباً من مجموع الاعضاء في الدورة الحالية.
وبعد حصول حزمة التعديلات على موافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضائه تعرض على استفتاء الشعب العراقي وتعد ناجحة بشرطين، الاول موافقة ثلثي المصوتين من الشعب العراقي، والثاني عدم رفض تلك التعديلات من ثلثي ثلاث محافظات فاكثر.
وأكدت المادة (142) أن الالية المرسومة فيها مستثناة من اليات تعديل الدستور الواردة في المادة (126).
وهذا الاستثناء الذي تضمنته المادة (142) جاء ايضاَ بشرط وهو ضرورة الانتهاء من الاليات الواردة فيها بتعديل الدستور ومن ثم الصيرورة إلى الاليات الواردة في المادة (126) من الدستور.
أن المحكمة الاتحادية اشارت في قرارات سابقة ضمناً إلى أن الاولوية تأتي بتطبيق المادة (142) لتعديل الدستور، وآخرها القرار رقم (119/ اتحادية/ 2015) الذي تضمن عدم دستورية قرار رئيس مجلس الوزراء بإلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية المنصوص عليه في المادتين (69) و(75) من الدستور، حيث جاء في نص القرار «أن القرار المطعون بعدم دستوريته بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية قد صدر خلافاً لما رسمته المادة (142) من الدستور فيكون مخالفاً لاحكامه مما يقتضي الحكم بعدم دستوريته..».
ونعتقد بأنه لو كانت المادة (142) من الدستور قد جرى تطبيقها لقالت المحكمة إن الغاء منصب نائب رئيس الجمهورية يتطلب تعديل الدستور على وفق احكام المادة (126) منه.
وبالتالي لا يكون لرئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء مجتمعين أو خمس اعضاء مجلس النواب صلاحية اقتراح التعديل الاول للدستور، وهذه الاليات تضمنتها المادة (126) كون متوقف تنفيذها لحين الانتهاء من اليات المادة (142) التي تخول تعديل المواد بما فيها الاليات الواردة في المادة (126).
وهذا يعني ان المادة (142) جاء حكمها مطلقاً ومخولاً بتعديل جميع مواد الدستور أو اي منها من دون أستثناء، اما المادة (126) والتي اوردت شروطا ينبغي الالتزام بها وهي تختلف في بعض مفاصلها عن الية تعديل الدستور الواردة في المادة (142) منه.
ولكن قد يثار تساؤل هنا، هل الفشل في تعديل الدستور وفق المادة (142) يعني أن الحاجة منتفية له بموجب تلك المادة، نعتقد بأن الموضوع يحتاج إلى وقفة تأمل..

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة