زار بغداد للمشاركة في مؤتمر السرد العراقي
بغداد – وداد ابراهيم:
زيارته ليست مماحكة جدلية، ولا مشروع تحقيق الذات، او ترف مثقف، بل جاء من اجل السرد العراقي، وحكايات المدن والأصدقاء، ولأول درس لمعلم الرسم في مدينته ومعشوقته، ومتقاسمة حلمه الناصرية، فكانت هجرته وطن، واوراقه وحكاياته محطات دراسية لطلبة دراسات الماجستير والدكتوراه، بعد ان قدم للثقافة ما يصل الى 50 كتاباً من الوشم الى نحيب الرافدين.
كان لقاؤه مع اصدقائه يحمل نبرة كلها شوق، انه القادم من تونس الخضراء، القاص العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي، الذي استضافته وزارة الثقافة، في اصبوحة اقامها قسم البحوث والدراسات في الوزارة، وبحضور عدد المثقفين والاعلاميين، رحب به د. شفيق المهدي مدير عام دائرة الفنون التشكيلية بكلمة أثنى بها على وزارة الثقافة، وما تسعى اليه من الاهتمام بالثقافة والمثقفين.
صحيفة «الصباح الجديد « حصلت على حديث الربيعي عن تجربته في الكتابة، فقال: انا من جيل الوسط في هذه الوزارة، حين انتقلت للعمل فيها عام 1969، بعد ان كنت معلماً للرسم في مدرسة في مدينة الناصرية، لكني وجدت اني لا انتمي للتدريس، فانتقلت الى وزارة الثقافة، وبقيت فيها حتى غادروني عام1986، وكانت فترة عملي في الوزارة، مرحلة جميلة في تجربتي الأدبية، اذ كنت مشرفًا على مجلة الاقلام، لكني كنت ارى ان الكاتب الذي يريد ان يحقق ذاته، عليه ان لا يعتمد على الاصداء التي تحدث داخل بلده فحسب، لان هذه قد تحسب لحسابات سياسية، وقد تظلم بها أسماء، وقد استرجع الاسماء التي كانت مدعومة، وقدمت لهم الشقق السكنية، والسيارات، فكتبوا الكثير من الكتب، لكن.. اين هي تلك القصص؟ لقد اختفت، لأنها كانت تحت الطلب، ولحسن الحظ لم أقع مثلهم تحت الطلب، فالكاتب يجب ان تكون كتاباته معزولة عن الزعماء، والأشخاص، لأنه قد يكتب من أجل ارضائهم وحسب، وليس من اجل قضية، او فكرة هو مؤمن بها، ويريد ايصالها للمتلقي، وكنت أجد ان من الضروري ان امنح نصي وكتاباتي فرصة، لتعانق كتابات أخرى، في بلدان أخرى، من دون ان تذهب للرقيب.
اما عن الرقابة على الاعمال الادبية فقال: في أحد اعمالي التي كتبتها في بداياتي، حاولت ان لا اكون مباشر، ولا اسمي الاشياء بأسمائها، ولا اخضعها للترميز المباشر، واذكر شخص كنت اعرفه في الرقابة، وقد اجاز أحد الكتب لأحد الأصدقاء، لكن ما حدث ان أحد الفضوليين بعث برسالة الى رئيس الجمهورية، يخبره عن العمل الذي اجيز طبعه، ليودع هذا الرقيب في السجن لسنوات، لذا كنا نشعر بأننا نمشي على حقول الغام في التجربة التونسية، الكتاب لا يذهب الى الرقيب، بل ينشر، ومن ثم يعترض عليه من شاء، وبنحو عام فالاعتراضات على الكتب الادبية قليلة.
وعن الجرأة في الكتابة ذكر: كتبت ما حدث للعمال سنة 1968، وكيف اقتادوهم للسجون، وحينها حسبت على هؤلاء، ووضعوني في السجن لأشهر، وعندما خرجت تركت الوظيفة، وكتبت «الوشم». هذه الرواية التي تتحدث عن السجون، ومركز التوقيف.
وتحدث الربيعي عن روايته الاخيرة «نحيب الرافدين» التي كتبها في تونس: الكاتب عندما يكتب، يكون حاضراً في روايته، وقصصه، وموجوداً فيها، وبنحو مكثف، ولأني اكتب للوطن، فهذا يمنح رواياتي قدرة على البقاء، وقد تم طبع الجزء الاول منها، واعيد طبعه بمشاركة اربعة دور نشر، والجزء الثاني لم ينجز بعد.
أشار الربيعي لروايته (هناك في فج الريح) الى انها تتحدث عن احداث ما قبل اتفاق اوسلوا، حيث هناك منطقة في تونس اسمها فج الريح، يعمل فيها فلسطينيون، لذا كانت الرواية تتحدث عن شخصيات تونسية، وفلسطينية.