حول قانون ضم المعهد القضائي

سلام مكي
كاتب عراقي
صوّت البرلمان مؤخرا على قانون( ضم المعهد القضائي الى مجلس القضاء الأعلى). وهي خطوة مهمة وكبيرة، في سبيل تعزيز استقلالية القضاء، وفك ازدواجية ادارته، كما جاء في الأسباب الموجبة. فمن غير الممكن، ان تتولى السلطة التنفيذية، ممثلة بوزارة العدل، ادارة اهم واخطر مؤسسة، تعد منتسبي السلطة القضائية، وتؤهلهم ليكونوا قضاة ومدعين عامين. هنا، ثمة خرق واضح لمبدأ الاستقلال السلطات، وامر غير مبرر، عدم السماح للقضاء نفسه، بتولي ادارة المعهد القضائي. المادة الأولى من القانون نصّت: يفك ارتباط المعهد القضائي من وزارة العدل ويضم الى مجلس القضاء الاعلى. وهذا جانب موفق في التشريع، خصوصا في ضم المعهد الى مجلس القضاء الأعلى وليس الى السلطة القضائية، ذلك ان السلطة القضائية، تتكون من مجموعة مكونات، والدستور لم ينص على وجود رئيس للسلطة القضائية، بل اشار الى ان السلطة القضائية تدار من قبل المحاكم. في حين ان مجلس القضاء الأعلى، له رئيس وهو المكون الأهم والأخطر في مكونات السلطة القضائية وكما اشارت المادة 91 من الدستور التي بيّنت اختصاصات المجلس. اما لو نص القانون على ضم المعهد الى السلطة القضائية، لأصبح مكونا من مكوناتها، مثله مثل مجلس القضاء الأعلى ومحكمة التمييز، والادعاء العام والاشراف القضائي. وهذا ما يخالف المادة 89 من الدستور التي ذكرت على سبيل الحصر مكونات السلطة القضائية. المادة الثالثة من القانون، جعلت المعهد، بيد ( مجلس المعهد) وهو هيئة تتولى الاشراف على المعهد. متكونة من اعضاء عدة. وهو أمر حسن، ومهم، كونه جعل رسم السياسة العامة للمعهد، بيد مسؤولي القضاء، وليس بيد الأحزاب والكتل السياسية كما كان في السابق. ولو اطلعنا على صلاحيات مجلس المعهد المنصوص عليها في المادة 4 من القانون 33 لسنة 1976، لوجدنا انها تمنحه الحق في ممارسة جميع الصلاحيات ومنها: الاشراف العام على شؤون المعهد. وهي مسؤولية مهمة وخطيرة، يمكن للمجلس من خلالها تحديد السياسات العامة للمجلس. اما صلاحيات مدير المعهد فقد نصت عليها المادة 6، وهي لا تتجاوز تنفيذ قرارات مجلس المعهد، وتمثيل المعهد امام الجهات الرسمية وغير الرسمية ورفع التقارير عن سير المعهد وغيرها من الصلاحيات. مجلس المعهد، وفقا للقانون 33، كان خليطا من القانون والسياسة، بمعنى ان وجود عضو من مجلس شورى الدولة ومدير المعهد القضائي ومدير مركز البحوث القانونية، سبب أمرا من عدم الاستقلالية والازدواجية في ادارة المعهد. ناهيك عن المحاصصة الطائفية، وهيمنت حزب معين على وزارة العدل، مدة طويلة، اسهم بنحو اساس في ابعاد القضاء عن ممارسة دوره الحقيقي، بسبب غياب التشريع، ولما جاء التشريع الآن، عبر قانون ضم المعهد القضائي الى مجلس القضاء الأعلى، ينبغي ان يتم استثمار هذا القانون، في سبيل تحسين وظيفة القضاء، عبر تحريره من هيمنة السياسة والأحزاب. استقلال القضاء عن السلطة السياسية، امر ليس سهلا، ويحتاج الى جهد سياسي وتشريعي كبير، فهناك الكثير من النصوص القانونية التي مازالت تسبب خرقا لمبدأ الفصل بين السلطات الذي نص عليه الدستور، وهو امر في طور المعالجة من قبل مجلس النواب. كما في مشروع قانون مجلس الدولة الذي يهدف الى فك ارتباط مجلس شورى الدولة بوزارة العدل. قانون ضم المعهد القضائي، هو يعد خطوة مهمة في سبيل تخليص القضاء من اي نفس سياسي. ويبدو ان التفات المشرع العراقي الى هذا الجانب، وادراكه، مدى خطورة ربط بعض المؤسسات التي تمارس دور القضاء بالسلطة التنفيذية، يشكل خطرا على النظام السياسي للدولة. تنفيذ القانون، امر يحتاج الى وقت وجهد، وحيث انه اوكل مهمة تنفيذه الى مجلس القضاء الأعلى، يجعل مسؤوليات المجلس اكثر جسامة، من الأول، ويلقي عليه عبء التنفيذ. وان عدم الاشارة الى جهات اخر في التنفيذ، لا يعني عدم مسؤوليات بقية الجهات في التنفيذ، فوزارة العدل، مسؤولة عن تنفيذه ايضا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة