سلام مكي
كاتب عراقي
سبقت زيارة الرئيس الاميركي ( دونالد ترامب) الى السعودية، الكثير من التكهنات والتوقعات، حول اسباب الزيارة، وعزمه على اعلان حلف – عربي- سني، لمواجهة ايران، او لتشكيل جبهة سياسية، او حلف استراتيجي، للغرض نفسه. الزيارة، التي حظيت بتغطية اعلامية، واسعة من قبل وسائل الاعلام العربية، بدت وكأنها رسالة الى كل من لا يؤيد سياسات السعودية، ولا يسير خلفها في مواجهة الخطر الايراني، ومحاربة الارهاب والتطرف، لكن بالطريقة التي تريدها السعودية، لا بطريقة تلك الدول. محلل سعودي يظهر على وسائل الاعلام ليقول: من لا يقف من العرب مع السعودية ضد إيران لم يفهم معنى العروبة. اذن: مفهوم العروبة الجديد، هو الوقوف خلف السعودية، ومحاربة العدو الجديد: ايران. ولا وجود للعدو التاريخي، المتمثل بـ ( اسرائيل) فهذه الدولة، يراد لها ان تكون حليفة وليست عدوة. حليفة للدول العربية، التي عليها ان تتكاتف وتتحد لمواجهة الخطر الجديد. وفي معرض حديث هذا المحلل، عن العراق، رأى انه لا يملك حكومة، بل يملك سلطة تتبع ايران، مثلها مثل لبنان والسعودية. وعليه، لابد من انشاء حلف عربي، وهو الأمر الذي رأى مراقبون انه هدف ترامب الرئيس، كي يكون سدا منيعا ضد ايران والحكومات التي تتبعها. بهذا المنطق الاستعلائي، الطائفي، والذي يعبر عن الموقف الرسمي للسعودية، يراد من الدول العربية، ان تكون بصف السعودية، والا فإنها عدوة للعروبة، وللعرب. عليها ان تستعد لمواجهة مصيرها وتحمل تبعات خياراتها. زيارة ترامب، التي تعد تاريخية، ومهمة، بكل المقاييس، جاءت لترسخ زعامة السعودية، للمنطقة العربية، ولتنصيبها كشرطي للمنطقة، ليكون حاميا لتوجهات واشنطن، وموازيا للنفوذ المتنامي لطهران. فأخبار الصفقات الضخمة التي تجاوزت 300 مليار دولار، خصوصا في مجال الاسلحة. كما ان توقيت الزيارة لم يكن اعتباطيا، اذ تزامنت مع الانتخابات الايرانية، التي شهدت فوز مرشح الاصلاحيين، حسن روحاني، بولاية ثانية. تلك الانتخابات التي حاولت السعودية عبر اعلامها والاقلام التي تدور في فلكها، تسفيهها، والنيل منها. هذه الزيارة، قد تضع الدول العربية، امام خيارين: اما الدوران في فلك السعودية، او الاتهام بالسير خلف طهران! هذه المعادلة الجديدة التي على الدول العربية، معرفتها والاختيار. وهذه الزيارة، قد تكون الاعلان الرسمي عن انتهاء حقبة اسرائيل، بوصفها عدو العرب الاول، وتدشين العدو الجديد بنحو رسمي، حيث شهدت السنوات السابقة، خصوصا تلك التي تلت الربيع العربي، تحول الانظار نحو طهران، بوصفها الخطر الأكبر على العروبة التي تتمثل بالرياض، وما يؤمن به الملك وولي عهده! وهذا الايمان، دفع بالمملكة الى تحويل اليمن الى خربة كبيرة، بعد ان كان بلدا، يعاني من مشكلات داخلية، مثله مثل اي بلد آخر. فبعد ان قصفت المنشآت الحيوية، وتهدمت البنى التحتية للبلد، عادت الروح الى محاولات التقسيم، وتم احياء الجنوب والشمال نفسه، وهو أمر قد يكون مسألة وقت، حتى يتم اعلان الانفصال. هذا كله، لأجل محاربة النفوذ الايراني ومنع تمدده في اليمن. فماذا يمكن ان تفعل السعودية، مع العراق، ولبنان، حتى تمنع تمدد النفوذ الايراني؟ ربما تفعل ما فعلته مع سوريا. هذه الزيارة، يجب ان تكون حافزا للحكومة العراقية، كي تخطط لسياسة خارجية، يمكنها استيعاب التحولات الجديدة في المنطقة، والوقوف موقفاً ثابتاً وواضحاً، بعيدا عن سياسات المحاور، او التبعية. ان تخلق لها سياسة خاصة بها. وهذا يمكن ان يحصل، لو تم استثمار العلاقات مع واشنطن، وكسب دعمها الخارجي والداخلي، مع تثبيت الأمن، ومحاربة الارهاب، الذي هو اساس أي تحرك دبلوماسي عراقي. محاربة الارهاب، والقضاء على تمويله، يجب ان تكون اولوية عراقية في تعاملها الخارجي. وهذا الاساس، يجب ان يكون مقياساً لأي علاقة مع اي دولة. فمقدار دعم الدول للعراق في حربه مع داعش، يجب ان يكون دافعا نحو تحسين العلاقات معها. وهذا أمر ليس مستبعدا، بعد زيارة وزير الخارجية السعودي الى بغداد مؤخراً، زيارة العبادي الناجحة الى واشنطن بعدها.
زيارة ترامب ومعنى العروبة
التعليقات مغلقة