الاختطافات.. العبادي هدفاً

ليس صحيحاً القول ان اختطاف الناشطين السبعة لم يحقق اهدافه بمجرد تحريرهم وعودتهم الى اسرهم، فان الاثار التي ترتبت على هذا الانتهاك الصارخ للحقوق المدنية تجاوزت ما يعني خطف مواطنين لهم رأي بما يحدث ويعبرون سلميا عن هذا الرأي الى ما هو اخطر بتأثيره على مكانة النظام السياسي في المجتمع وهيبة الدولة بين مكوناتها والثقة في مؤسساتها الامنية والتشريعية.
وقبل هذا، معلوم ان «الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006” التي وقع عليها العراق وتعهد باحترام وترجمة بنودها تلزم الحكومة في مادتها الـ(12) الفقرة (1) بالتحرك على وجه السرعة لملاحقة المختطفين، والاهم، ما جاء في الجزء الاول من المادة الاولى (2) بتحريم التبريرات التي تطلق للتقليل من شأن هذه الجريمة حيث “لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري”.
وإذ تجمع القراءات لما جرى ويجري من اختطافات تطال نشطاء او خصوماً سياسيين (او حتى مواطنين بعيدين عن السياسة) على انها فاصلة من الصراع السياسي على مشيئة السلطة ومحاولات لجم الشارع واخضاعه لقوى السلاح والجهات التي تقف خلفها، او تستثمر اعمالها في الاملاءات السياسية، او تراهن على النتائج التي تتمخض عنها، فان الهدف غير المعلن وقليلا ما يسلط عليه الضوء هو إرباك سلطة العبادي واظهاره امام الرأي العام ودول العالم بمظهر العاجز، الضعيف، لجهة استبداله بمن يملك القبضة الحديدية و «شجاعة القرار»، وربما، ايضا، محاولات جرّه الى مساومات او تنازلات او تعهدات تتضمن التخلي عن سياسات وتوجهات وبخاصة ما تعلق منها بتدابير اصلاحية وادارية وامنية يزمع اتخاذها بعد الانتهاء من تحرير الموصل.
وهذه ليس من باب التخمينات والفرضيات، فان الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء مع «خلية الاستخبارات الوطنية» الخميس 11 ايار اتسم بالقلق البائن حيال هذه الاختطافات، ووصفها بـ»الارهابية» كما تركز، على وفق البيان الحكومي، على «مواجهة العمليات الارهابية ضد المدنيين وعمليات الخطف والجريمة المنظمة والاجراءات الكفيلة بردعها والقضاء عليها وكشف الجهات الخاطفة”.
والحال، فان رسالة الاختطافات فصيحة بمطالبة العبادي، بواحد من الخيارين: ان يتخلى عن الحكومة «لمن هو اقوى!» او ان يقبل ان تكون حكومته في دولة باكثر من حكومة واحدة.. واحلى الخيارين كارثة.
**********
المتنبي:
وأَ تعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ …
وأَغَيظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة