حسين نهابة
لستُ الرجل الذي يطارِدُ
جنيات أحلامه،
لكنكِ لم تكوني جِنية
ولا كنتِ حلماً،
كنتِ امرأة
قُدّت من حجرِ الحرمان
المربوط على وجدي،
امرأة وُلدت على فراش الليلِ الأزرق
فتدحرج على جيدها
قمرهُ المرهق
وغفت بثوبِها كُل بنات نعش
وعاشقهُن الذي بلا زاد
وجارهُ الأحمق.
مثلهُم غفت،
أمنيتي
أنا الهائِم الملعون باغترابه
والمبحِرُ في عينيكِ
كزورقُ ضائِع
يا قدراً، ترعى بين ضفائرِها الأطفال،
كالحملان
وعلى شاطئها تنامُ النوارِس
واحلامُ الرِجال،
يحومون حولكِ مثلي كالطيور،
يخشون نبعكِ
يهابون بئركِ
ويصلّون فيكِ سِحرِ العيون,
مثلهُم اخشاكِ أنا
مثلهُم احلُم بكِ،
ومثلهُم ايضا
أرسُمكِ على بساط القمر
رغيف خُبز ساخن
يُمطرُني جوعاً ورغبة،
وحين أهّمُ بكِ،
تتبخرين
ولا يبق منكِ غيرُ هذا الدبيبُ
في دمي.
حلمتُ بكِ
التهِبُ شغفاً لوقعِ خطواتكِ
تتعالى بين معصمي،
تتغنجين بحكمةِ غانية
تمتهِنُ إغواء الرجال, امثالي
حلمتُ بكِ
رغيفاً يُشبعُ فيّ جوع الذاكرة
فلا يخشى برد الغُربة
يا امرأة هزمتني
حتى في الحُلم.
يتلبسُني سُهادُكِ
يحطُ على مفرقي
زهر الياسمين،
تُحاصرني عيناكِ مثل ذئبة
تمدُّ إليّ مخالب جوعها،
تنهشُني
وتمزِقُ الرجل المُجهد فيّ
هذا التائه الحزين،
ما زِلتُ أمدُ صوبكِ يداً مقطوعة الرجاء
علني ألمسُ طيفكِ،
لكنك لا تمكُثين طويلاً
كحُلم أولِ الصباح
يا امرأة تتثاءبُ على أرضي، أنوثتها
فيورِقُ الملحُ
ويزهرُ الحِرمان،
ضعي عنكِ ثقل السنين
هاتي يدكِ
واركضي فرساً جموحاً
على جسدي
لا تهجعي،
اركضي حد التعب
حد انشطار الوجع
وقهر الزمن
حد انصهاري فيكِ
وانطفاء الأرق،
فانا احبكِ وانتِ تصهِلين
على أرضِ جدودي
احبكِ وانتِ عليها تركضين،
فيا امرأة هزمتني
حتى في الغيب،
لستُ اول الخاسرين في مُدُنكِ
ولستُ اول البائسين
ولا اول النادبين فُقدانكِ .