معرض للفنانة التشكيلية كفاح عبد المجيد في جاليري مجيد

بغداد – أحلام يوسف:
دوماً، يسير معي، يرافق خطواتي، ذلك التاريخ، رفيقي الابدي، ماذا يريد مني ذلك العملاق، المهشم، المفقود، المتبل بالدماء، ماذا اعطيك، وهل لي سوى واحة مكانية، مسرح تفتح فيه صرة آلامك واحزانك، مساحة لحوار الأطراف، للجدل، للمشاكسة، لترميم ذاتك العملاقة، ماذا اعطيك يا تاريخ.
بتلك الكلمات خاطبت الفنانة التشكيلية منحوتاتها، الفنانة التي وجدت داخلها شاعرة متوسدة منحوتاتها، تنتظر من يوقظها، لديها فلسفة عميقة فيما يخص عشقها للتاريخ، فوجدت طريقها لترجمة ذلك الحب، بأن تدرس فلسفة الفن، وتؤرخ كل تفاصيل التاريخ من خلاله، انها الفنانة التشكيلية كفاح عبد المجيد، ماجستير نحت قسم الفنون التشكيلية.
افتتحت عبد المجيد معرضها الأول عام 2009 على قاعة مدارات وأسمته اللبوة الجريحة فقد خصته للعراق، واقامت معرضها الشخصي الثاني على قاعة سومر ومنحته عنوان “نزيف الذاكرة” في عام 2010، اما معرضها الثالث فكان للشهيد واختارت نصب الشهيد ليكون مستقرا للوحاتها وذلك في عام 2015 إضافة الى مشاركاتها في عدة معارض جماعية، ومسابقة جلجامش التي اقامتها وزارة الثقافة والفنون.
وبحضور شفيق المهدي افتتحت عبد المجيد معرضها الرابع، الذي أسمته “جاليري مجيد”، تيمنا بإسم ابيها صاحب الدار التي اقامت عليها المعرض، لأنها لم تجد أفضل من الفكر ثوابا له، فهي تسعى لان يكون مكانا لالتقاء الفنانين، والدلالين المسوقين لفنهم، وآخرين غيرهم، ليجتمعوا على طريق واحد يمكن من خلاله الارتقاء بالذائقة الفنية لدى المتلقي، والوصول الى سبل توعيته بأصول الفن ودلالاته، ضم المعرض 25 منحوتة و15 لوحة عبارة عن اسكيتشات للأعمال.
تحدثت عبد المجيد عن بداياتها مع فن النحت والتشكيل قائلة: بدأت الرسم منذ الثمانينيات، ولم أفكر بدراسته أكاديميا، لكني بعد عام 2000 شعرت ان الرسم لا يلبي طموحي، ولا أستطيع ان انقل كل ما اريده من خلال اللون، والكانفس، او الورق، ففكرت بموضوع النحت، وقد شجعني زوجي على دخول الاكاديمية لدراسة فن النحت. واختارت عبد المجيد ان يكون المعرض للمنحوتات والاسكتشات، “وهو رسم تقريبي ينفذ عادة باستعمال اليد الحرة، ولا يشترط اكتماله، وعادة ما يستعمل لتبسيط وتوضيح واظهار فكرة فراغية معينة”، وعن ذلك تقول: المنحوتات والاسكتشات اغلبها فلسفية وتاريخية، لأني أجد ان الفن يجب ان يؤرخ التاريخ، فهناك ميثولوجيا عظيمة في العراق، تتمثل بميثولوجيا الدين، والمذاهب، وعلى الفنان ان يكون منصفا فهي ذخيرة عظيمة.
وفيما يخص موضوع التسويق الفني في العراق تقول عبد المجيد: للأسف لا يوجد لدينا سوق فني، هنا دلالان اثنان يأخذان الاعمال ويبيعانها خارج العراق، إضافة الى ان المتلقي ما زال يفتقر الى الوعي، ويفضل الصورة الشعبية الواضحة، فهو لا يريد ان يجهد تفكيره بالرموز والدلالات التي تحملها اللوحة او المنحوتة، هو يريد ان أقدم له لعبة بأشكال متنوعة، وعندما يجد منحوتة مثلا عن رمز سومر للحرية، يطالبوني بأن اكتب تفاصيل، ولا اكتفي بالمنحوتة وحدها.
تحدثت عبد المجيد عن السبل التي من شأنها ان ترتقي بالذائقة الفنية لدى المتلقي العراقي: يجب إقامة منتديات كما هو الحال سابقا، فقد كان لدينا منتديات وامسيات تجمع الفنانين والدلالين والناس، ومن خلالها يتم التحاور مع الفنان، فالحوار الحضاري هو ما مطلوب اليوم.
اما عن سبب تحولها من الرسم الى النحت فتقول عبد المجيد: بنحو عام الرسم لا يشد الانسان بقدر النحت، فالدول المعمارية العظيمة تؤكد على النحت، وحتى في الزواج فان الخاطب لا يقدم ورقة مرسوم عليها الحلي، بل يقدم منحوتات ذهبية مزخرفة. وحتى السياسة والأديان لم ينعشها الا الفن والنحت، لذلك أتمنى على المسؤولين الاهتمام أكثر بموضوع دعم الفنانين. وعن إمكانية التعاون ما بينها وبين وزارة الثقافة تقول: وزارة الثقافة لم تقصر معنا يوما، لكن بسبب الضائقة المالية اليوم، لا تستطيع ان توفر لنا كل احتياجاتنا ومتطلباتنا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة