مع تنوعها السكاني والإثني
ترجمة: سناء علي
في تقرير للجنرال العسكري ( ريان سيجو ) نشر على التايمز البريطانية ان من غرائب بعض الدول أنها تشتهر مدنها عن محافظاتها، فالقليل من يعرفون محافظة نينوى لكن الكثير يعلمون بالموصل، حيث تعد مدينة الموصل هي ثاني أكثر المدن سكاناً وهي على مسافة مساوية لتركيا وسوريا، وتشتهر بضمها لجميع مكونات الشعب العراقي القومية والدينية، إذ يقطنها العرب والكرد والتركمان أصحاب الديانات الإيزيدية والمسيحية والإسلامية، وسميت بالموصل، لأنها تصل بلاد الشام ببلاد آسيا الوسطى وإيران، ويمر نهر دجلة الذي ينبع من تركيا في المدينة ، ويبين التاريخ أن الموصل كانت تتبع الدولة العثمانية لنحو أربع قرون إلى عام 1918.»
مبيناً ان « تركيا تتجه إلى توصيل النفط والغاز من كل من العراق وإسرائيل على الترتيب إلى أوروبا، فتركيا تعد عمقًا للعراق، و مخطئ من يظن أن سوريا والعراق سيظل كل منهما موحدتين هذا التصريح لأحد الجنرالات الاميركات هو سبب تدخل تركيا بدرع الفرات في سوريا، وتصريح آخر لأحد أركان الجيش الأميركي « نفكر في طرح تقسيم العراق دولة للسنة ودولة للشيعة» تسبب في غليان داخل العراق ورفض شعبي واضح صححته بعدها وزارة الدفاع الأميركية.»
واضاف سيجو ان « تركيا لا تقارن نفسها باميركا وبريطانيا وفرنسا، بل تقارن حجم قواتهم المحدود في العراق بجيشها المصنف ضمن أقوى عشرة جيوش عالمية، وهي تستعد للرد على أي مخطط لتقسيم العراق، الوجود العسكري الكثيف في العراق هو رسميًا لترهيب داعش من دخول دول المنطقة ولإعطاء الثقة للجيش العراقي في معاركه القادمة، وليس لتنفيذ مخطط لتقسيم العراق على حد قولهم.ولهذا الشك تركيا موجودة في سوريا والعراق، توجس تركي منطقي؛ فالأتراك لا يبغون التمدد لكن في الوقت نفسه لا يبغون التقلص.»
كما اكد في تقرير ان « العرب حاليًّا كانوا أصحاب اليد العليا في ترسيم خرائطهم اليوم، لأنهم توجهوا لترسيم بقية الحدود في الفترة الحالية بين بعضهم برعاية غير أممية إلا في حالة الصحراء العربية بالمغرب، أي أنهم منعوا وجود أي خرائط جديدة أو تقسيم جديد للمنطقة، وأكدت الدول العربية على سيادتها على دولها. لذلك فتوجس تركيا المنطقي أيضا أنه إذا تبدل سكان المدينة، فإن مليون لاجئ لن يتوزعوا على سوريا وتركيا بل تركيا وحدها, وهو ما لا تتحمله تركيا، وهو ما أثر على الأمور الاجتماعية بعد استقبال اللاجئين السوريين وتزوج الأتراك سوريات، ولهذا شجعت الحكومة التركية على تسهيلات لزواج التركيات من أجانب مقابل جنسية وعمل ودعم مالي للزواج.»
وبين سيجو ان « اتفاقية أنقرة، هي الحماية القانونية لتركيا من التلاحق من دخولها العراق، إذ تنص على أن عطاء تركيا حق التدخل العسكري في الموصل وشمالي العراق لحماية الأقلية التركمانية القاطنة هناك، إذا تعرضت لأي اعتداء، أو لحق بوحدة الأراضي العراقية أي تخريب, وبعد ازدياد شعبية تركيا وسط العرب، فإن أي خلاف حدودي مع تركيا ستكون لتركيا الغلبة فيه، فلذلك تستعين العراق بقوات أميركية وبريطانية وفرنسية وإيطالية، لغرض تعزيز موقف العراق تجاه أي خلاف حدودي، والدول الأجنبية تستفيد من ذلك في تأمين النفط الذي تشتريه منهم، كما فعلت مصر مع ليبيا بتصريح المسؤولين المصريين أن «مصر متكفلة بتأمين النفط الذي تشتريه من ليبيا عبر معبر السلوم بالتنسيق مع الليبين».»
موضحاً ان « تركيا يدخل لها من الدول الغربية عملة صعبة تساعدها، فهي باقية على وجودهم حالياً لتضمن لهم تدفق احتياجاتهم من النفط. كما ان تركيا تستغرب كيف تقبل العراق بدخول ميليشيات إيرانية لتكون مستعدة لمعركة تحرير الموصل، تلك الميليشيات التي خاضت دولتهم إيران حربًا مع العراق قبل أقل من 40 عامًا، لكن الأتراك نسوا توجس العرب بشكل عام من القصور الضخمة التي تنشئها تركيا التي تذكرنا بالدولة العثمانية وتوسعاتها في مناطق العرب، وهو ما نفاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن ليس لتركيا أطماع سواء في سوريا أو العراق.»
وبين الكاتب ان « درع الفرات أدت لتحرير مناطق من داعش وقامت بما لم يقم به أي جيش من الجيوش العالمية التي تنتشر في العراق بدخول سوريا وحثت عملية درع الفرات الجيش السوري الحر على تحرير مناطق من داعش , ويناضلون لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا تأوي المدنيين من حر الصيف وبرد الشتاء، والأهم تأويهم من مغبة اللجوء الذي لا يعرف مستقره ومأواه».
واوضح الكاتب ان « وجود القوات الدولية في العراق أوجس تركيا من إقامة دولة كردية في شمال العراق، وهو ما يضفي غموضًا على عملهم نتيجة التصريحات المتناقضة لوزارة الدفاع الاميركية حول دولة للسنة ودولة للشيعة، هذا التصريح أظنه لفتًا للنظر فقط؛ لأن دولة للسنة والشيعة، وماذا عن مسيحيي العراق؟ وماذا عن الكرد؟ وهل ستقسم العراق دينيًا أم قوميًا أم الاثنين معا؟ تركيا ترى أن لها الحق في منع قيام دولة كردية في شمال العراق أو شمال سوريا، كما أنها لا تعد لاميركا هي أمر العراق بالذات نتيجة الرأي العام التركي الذي نزل تظاهرات بعشرات الآلاف ضد دخول اميركا العراق، فهذا ما يستند إليه الطرح التركي في منع تفسيم العراق يستند إلى ظهير شعبي كبير.»
وبين أن « أميركا في نظر الأتراك سمحت للحزبين الكرديين الرئيسين: الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة السيد مسعود البرزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة السيد جلال الطالباني، لإيواء عناصر حزب العمال الكردستاني، ولتتخذ من مناطق الحدود الشمالية العراقي انطالقا لها للهجوم على القوات التركية. « مبينا ان « أتوقع أن يستمر وجود القوات التركية في العراق حتى تذهب القوات الفرنسية والاميركية والبريطانية كلها من العراق، فموقف تركيا ليس انتقاصًا من السيادة العراقية في نظرهم، وإنما لإضفاء التوازن في القوى ومنع قيام كيان كردي جديد، وليس على العراق طمأنة الأتراك فقط بل عليها أن تسرع في خروج القوات الأجنبية منها، حتى تنتهي العمليات وترجع للعراق قواتها فقط في أرضها وتزول شكوك تركيا.»
* عن صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية