بعيدا عن لجّة الجدل النقدي الذي دار حول التسمية و ربما ما يزال قائما في الندوات و المحافل التي لم تصل بعد لحسم الفكرة : الشعر نثرا او النثر بدرجة الشعر ، يظل لهذا النوع من الكتابة أهمية مائزة باعتبارها خرقا للخطاب السائد و توسيعا لمفهمة التعبير بأدوات غير خاضعة للاشتراط المسبق ، هي بالتأكيد فسحة حرية و مشكلتها مشكلة أي فسحة من هذا النوع أقصد الانزلاق من الحرية الى الفوضى ! .. في العراق مشهد عريض لهذا النوع من الكتابة ولا ادري هل بإمكاننا ربط الامر بقوة الجذب العراقية لمثل هذا الجدل التاريخي بين الفوضى و الحرية ! بمعنى ان خصب هذه التجربة عراقيا له منحى سيكولوجي يتعلق بنوع الجماعة ثقافيا و المكان الجاذب لأي جدل ومن أي نوع .. تراكم المشهد حتى صار اطمارا و سيولا من كتب لا يكاد يقرؤها احد ، منابر و غرف دردشة و نساء و همس و حكايا ، كلها تمر نثرا بلا شعر، ترى كيف نعرف الشعراء؟ واين هي القصائد؟ قبل ايام كان لي حديث مع بعض شعراء هذه القصيدة وهم من القلة الذين اعدّهم يعرفون كيف تكتب و اين حدودها و هو امر ليس بالهين على هذا الصعيد اذ خطر لي فكرة التصدي لاختيار نماذج مميزة في كتاب مختارات يخدم الدارسين لهذه القصيدة كما يخدم النوع الفني الذي كاد او يكاد ان يضيع وسط اعلام مفتوح و ممارسة نقدية خاملة و مؤسسات بلا معيار، بالطبع هذا النوع من الكتب ليس جديدا اقصد كتب المختارات الشعرية ففي تراثنا الادبي الكثير منها لكن العائق الان عدد من التفاصيل الاجرائية كنت اعرف بعضها و نبهني بعض الاخوة الى البعض الاخر ومنها مثلا:
– نوع المعيار الذي سيحكم اختياراتنا اذ سنتهم حتما بتعميم ذائقتنا الشخصية واعتبارها هي المعيار و مهما حرصنا على توفير قدر عال من الحياد الفني فان منسوب شهوة الاتهام اعلى و بالطبع هذا توجس لا غير و ليس عائقا بحسابات الموقف الثقافي الذي علينا ان نتبناه.
– لا أريد للأمر ان يغدو عملية جمع نصوص لأنها سهلة بل و متاحة للجميع ربما بدرجة متقاربة بلا لابد من مقدمة نظرية و تاريخية لمعاناة اجيال الشعرية العراقية مع هذا النوع من الكتابة القاسية التي تم استسهالها مؤخرا.
– من الصعوبات ايضا ازمة طبع و تداول الكتاب الذي ننوي تبنيه فالبعض ابدى ان هكذا مهمة يجب ان تنطلق من مؤسسة كي يأخذ العمل صداه لا الاعلامي بالضبط بل جدواه و الغرض الذي نسعى الى تكريسه.
هنا و عبر هذا المقال أرغب في مداولة الموضوع على نطاق المعنيين كي نخرج من نرجسة الفكرة و الاختيار.
جمال جاسم أمين
قصيدة النثر الآن..
التعليقات مغلقة