ماذا بعد داعش ؟

باقر الزبيدي
وزير عراقي سابق
كثرت التحليلات والمقاربات الفكرية والسياسية ازاء مرحلة مابعد داعش والغريب ان اغلب الذين تحدثوا ويتحدثون عن تلك المرحلة يركزون في احاديثهم وتحليلاتهم على تحرير الموصل وكأن داعش في الموصل وليست مشروعا متعدد الاهداف والاغراض ولايمكن الانتهاء منه بنهاية في ايمن الموصل.
جغرافيا ..داعش في جبال حمرين والحويجة وعانة وراوة والقائم وبادية الانبار وهي تنظيم يعتمد الخلايا النائمة في جنوب بغداد وقلبها وفي المشاهدة والطارمية وصلاح الدين والاهم في اعالي الفرات ووادي حوران والوادي الابيض كما ان بادية الشام والحدود السورية الاردنية العراقية المشتركة هي المركز الجديد الذي انتقلت اليه قيادة داعش بعد الخلاف الذي دب في القيادة الداعشية في اعقاب انهياراته في الجانب الايسر من الموصل حيث دب خلاف حاد في اجتماع تقييمي لماسيجري في ايمن الموصل عندما تصدى ثلاثة من اعضاء القيادة لابي بكر البغدادي ممن كانوا معه في سجن بوكا واقنعوه بضرورة تغيير الاستراتيجية والاعتماد على خيار حرب العصابات لاستعادة منابع اقتصاد الدولة!.
ان الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه البغدادي في اصراره على تأسيس» الدولة» وتورط التنظيم في حماية حدود هذه الدولة وعاصمتيها الموصل والرقة وادارة امور «الرعية والبدية والمعيشية» وتشكلت وزارات ظل للاعمار والاسكان والمالية والدفاع مااثقل كاهل التنظيم الذي فوجىء بهذه الاعباء غير المتوقعة خصوصاً بعد القصف الروسي لمنابع الاقتصاد التي يعتمد عليها التنظيم في تسيير شؤون الدولة وتقدر ب450 الف برميل يوميا نفط يجري تهريبها من سوريا الى الممول الرئيس للتنظيم في تركيا وباسعار زهيدة اضافة الى 15 الف برميل يومياً من نفط نينوى ومشتقات بيجي.
واجهت الدولة المزعومة ضربة اقتصادية كبيرة وموجعة بالعمليات العسكرية النوعية للجيشين العراقي والسوري والضربات الروسية والتحالف الدولي والحشد الشعبي والعشائري فتحول الجدل الحاد في القيادة الى وضع رؤية جديدة منذ شهرين من الان بهدف عودة داعش الى باديتي الشام والعراق من خلال حرب العصابات التي بداتها منذ 6 سنوات.
المعلومات الخاصة التي وردتني تؤكد ان داعش والنصرة وتنظيم خراسان واحرار الشام بداوا التفكير الجدي بالاندماج والانتقال من المدن الى البادية للعيش في الخنادق السرية تحت الارض والتواصل عبر الانفاق التي تم حفرها وتمتد الى عشرات الكيلومترات وستكون المعركة المقبلة بين الجيش العراقي والحشود الوطنية والشعبية ومع الجيش السوري من منطقة القائم مرورًا بالرطبة وطريبيل حتى المثلث العراقي الاردني السعودي استعداداً لدخول ارض الحرمين التي يمتلك داعش فيها الكثير من الخلايا النائمة والتي تتطابق رؤاها مع رؤاه في تاسيس الدولة المزعومة هناك.
لن تكون الاردن وخاصرتها الجنوبية الغربية بمنأى عن استهدافات داعشية في المدن الجنوبية للاردن بالتنسيق والتعاون مع خلايا الاردن الداعشية النائمة..انني احذر الحكومة الاردنية من التورط باعمال عسكرية ودعم لمجموعات ارهابية في شمال الاردن ضد سوريا لان القادم اعظم من المثلث الاردني العراقي السعودي.
يمكن الجزم ان داعش ستنحسر في معركتها الخاسرة حالياً في العراق وسوريا وتتجه الى حاضنتها الاساسية والعقائدية في جنوب الاردن والمملكة العربية السعودية..
ان مرحلة مابعد داعش هي داعش لكن بجغرافية جديدة وجلد جديد!.
وللحديث بقية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة