تحالفات بالتلقيح المجهري

على مدار الساعة نقرأ ونسمع اخباراً عن تحالفت انتخابية قيد التشكيل، بعضها الكثير مما يسميه الاعلام بـ «التسريبات» التي تستهدف جس النبض ورصد ردود الافعال او بهدف اطلاق رسائل مما اصبح مكشوفاً غرضها، والبعض الذي يعنينا من تلك التحالفات المجهّزة الى التداول تفيض منها محاولة تضخيم الزعامة او الكتلة او المشروع السياسي بنوع من الرافعات من خارج المشهد.
وبعض الحديث، يخرج الآن من الكواليس الى الفضاء الاعلامي الطلق، عن تحالفات مرخّص لها من دول اخرى، او تولد عبر التلقيح المجهري في «انابيب» دقيقة من حوامل خاصة يشار فيها زيفاً الى دماء جديدة غير متورطة بشبهات الفساد، وهم لاعبون لم يبلغوا سن الرشد بعد، وليس لهم ذرية يتقافزون الى المناصب والعقود ووكالات الشركات، مما يمكنهم من تشكيل حكومة سليمة العود والهوية والسمعة والأهلية، ثم، لكي يسجلوا سبقا في براءة اختراع، لم يسبقهم له أحد، بعنوان «ولاية المستقبل» التي سنعرف انها اخذت بويضاتها من (الأم) الحاضنة العليلة، او من حيوانات منوية من فحل اجنبي (الأب) له سطوة ومليشيات وقواعد في الخليج ونقـْلها الى حيازات مناسبة في مختبرات وكواليس ودرابين شبيهة بقناة فالوب حيث يتم التلقيح وترتفع الصلوات والتبريكات وتبدأ مرحلة انشطار واعادة تركيب وولادة المشروع- الحكومة الجديدة
هكذا، بالتحديد، وُلدت «لويز بوران» التي قصّت شريط اطفال الانابيب قبل نحو اربعين عاما، كحلّ لمشاكل الرحم (أكرر: مشكلات الرحم) واستعصاءات الولادة الطبيعية.
لكن العالم البريطاني «روبرت إدواردز» الحائز على جائزة نوبل في الطب عن هذه العمليات الجينية الرائدة يحذر من «أن نمو بويضة الأنبوب في ظرف غير طبيعي قد يتسبب في تشوه ما للطفل فيما بعد» كما تؤكد عالمة الاستنساخ الفرنسية «بريجيت بواسولييه» رئيسة مؤسسة «كلون ايد» ان الكثير من الولادات التي يتم تحقيقها بالتلقيح المجهري لا تحمل بالضرورة صفات امهاتها، بل تنشأ في الغالب غريبة في اطوارها، والمهم، قد تكون عليلة، ضعيفة الارادة.
وبعيداً عن هذا، نحتاج هنا الى فهم المنطق الذي يسوّق هذه الاستعانة المذلة بالآخرين، او الاستخذاء امامهم، او القبول باملاءاتهم لاختيار منصب رئيس الوزراء وتعيين شكل الحكومة ومكوناتها، وذلك بالقول، ان على هذه الدول (هكذا يزعمون) التزامات لا توفيها إلا مع حكومة تذعن الى شروطها وأهوائها ومع رئيس للحكومة لا يخرج على فروض التبعية لسياسات هذه الدول، ولا يتخذ قرارات او يعقد تحالفات لا تحظى بموافقتها، بدل ان يعكف اصحاب الازمة على تشكيل حكومة من كفاءات ورجال علم وخبرة ووطنية ومن الاطياف التي تشكل هوية البلد، وبرنامج وحلول عابرة للمحاصصة والطائفية والفئوية وهوس الزعامة والكسب الحرام.
منطق، عدا عن انه يسيء الى اصحابه، فهو يضع جانباً سيادة الدولة العراقية، ويُسقط جملة من المعايير والاليات ذات الصلة بالدستور والبرلمان والاستحقاق الانتخابي.. وقطرة الحياء،
************.
همنغواي:
«أتعس أنواع الزعامات هي التي تفرض عليك أن تذكرها صباح مساء»
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة