سوريا.. انقلاب الاولويات

باستثناء الجانب التركي لم يستقبل طرف اقليمي معنيّ بالحرب السورية بانزعاج اعلان الولايات المتحدة على لسان الناطق باسم الرئيس ترامب ان اولوياتها في هذا البلد باتت القضاء على تنظيم «داعش» وليس اسقاط بشار الاسد، ويلاحظ المراقب ان الاعلان، وإن لم يكن –كما يبدو- مفاجئا للدول الخليجية التي تنخرط في هذه الحرب إلا انها تقبلت قرار واشنطن باستبعاد ملف القضاء على النظام السوري عن طاولة البحث بالكثبر من التردد والخوف، وربما على مضض، بعد التصريح الفرنسي الرسمي الذي سبق الموقف الاميركي بوجوب ترك مصير رئاسة سوريا الى الشعب السوري نفسه.
وخارج اعادة بناء الاولويات «السورية» للولايات المتحدة فان عناصر اللوحة ذات الصلة بالحرب على داعش في العراق وسوريا تزدحم باشارات مهمة الى قوى لعبت وتلعب في الساحة السورية والى صفقات كانت الى قريب بمنزلة شائعات اطرافها روسيا وايران واميركا، ومن المؤكد ان يكون اللقاء بين رئيس الوزراء حيدر العبادي والرئيس ترامب قد مر بها واعطاها دفعة، بل ان نزع فتيل التوتر بيت بغداد والرياض وانتقالهما الى مسار جديد من العلاقات والتعاون انما يدخل في صلب السيناريو متعدد الاطراف والمجالات لجهة إطفاء المحاور المتصارعة وبناء محور واحد بمواجهة الإرهاب الداعشي، ليس من دون حسابات دقيقة لمصالح الدول المعنية.
وسواء مضت احكام هذا السيناريو في الطريق الذي تصممه المفاوضات الاميركية الروسية قدماً لتترجم الى اجراءات على الارض تعجل باستئصال داعش في العراق وسوريا، أم انها (وهذا وارد) تتعرض الى انتكاسة لتعود الامور الى المربع الاول، صراع المحاور، فان ثمة اجماعاً للمحللين الاستراتيجيين على ان العراق سيكون في صدارة الاطراف التي ستنتفع من اعادة بناء الاولويات حيث سسيختصر الزمن والتضحيات الى ادنى منسوب لهما بعد ان استنزفت الحرب الطاحنة لتحرير اراضيه دماء ابنائه وموارده البشرية، لكن الامر لا يتم من دون ادارة سياسية متماسكة تحصن نفسها حيال ضغوط منظمة ومتفاقمة من خاصرة الطبقة السياسية التي راهنت على استعمال ورقة داعش لكسب الوقت ومواصلة التهب والفساد واللعب بالشعارات، واطلاق الشكوك والريب والتخوين.
***********
جبران خليل جبرات
«الشجرة التي تنبت في الكهف لا تعطي ثمرا».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة