لهب عطا عبد الوهاب
اقتصادي عراقي متخصص في شؤون الطاقة
ينتظر المراقبون بأهتمام بالغ التقرير السنوي الذي تصدره شركة BP، شركة البترول البريطانية بي بي، عن»الافاق المستفبلية للطاقة في العالم « BP Energy Outlook لما يتمتع به التقرير من مصداقية كبيرة .
وقد اماط التقرير السنوي لـ بي بي الذي صدر مطلع عام2017 ، اماط اللثام عن حقائق لعل من ابرزها :
في العالم الذي يشهد فيه وفرة في احتياطيات النفط الكامنة، ووفرة في الامدادات ، فأننا مقبلون على مشاهدة دول نفطية ذات تكاليف انتاج منخفضة ينتجون كميات اكبر من النفط من نظرائهم المنتجين ذوي تكاليف انتاج مرتفعة مما قد يؤدي الى «ازاحتهم» crowded-out من على مسرح الطاقة العالمي .
ان الاحتياطيات النفطية المؤكدة قد تضاعفت عبر السنوات ال 35 الماضية لتصل الى نحو 1,5 ترليون برميل ، اذ وجد ان مقابل كل برميل نفط يتم استهلاكه فان هناك برميلين جديدين يتم اكتشافهما . كما ان الاحتياطيات النفطية القابلة للأستخراج من الناحية الفنية
Technically recoverable oil وهي الاحتياطيات التي يمكن استخراجها بتوظيف التقانة القائمة اليوم تقدر بحدود 2,6ترليون برميل، منها 1,7 ترليون برميل او مايعادل 65% من الاحتياطيات المذكورة تتواجد في دول الشرق الاوسط و روسيا الاتحادية و الولايات المتحدة .
ان الوفرة في الموارد النفطية يقابلها تراجع النموفي الطلب على النفط ، اذ تفيد التقديرات ان الطلب التراكمي حتى عام 2035 سيصل الى نحو 0,7 ترليون برميل ، وهي تقل بنحو لافت عن النفط المستخرج في دول الشرق الاوسط منفردة.
ويضيف التقرير ان وفرة الموارد النفطية ستفضي الى تغير في « السلوكيات « اذ ستشهد زيادة غير « متناسقة» في انتاج الدول النفطية الشرق اوسطية الاعضاء في اوبك اضافة الى انتاج كل من روسيا الاتحادية والولايات المتحدة خلال فترة التي يرصدها التقرير الى 63% عام 2035 مقابل 56 % اليوم .
ان المدى الذي ستتغير بمقتضاه سلوكيات الامدادات في العالم يشوبها الكثير من عدم اليقين اذ تحكمها عوامل ثلاثة :
1. التكلفة والجدوى الاقتصادية للدول المنتجة ذات التكلفة المنخفضة في زيادة انتاجها خلال فترة موضوع البحث.
2. المدى الذي ستستجيب فيه الاسعار لزيادة الامدادات من الدول النفطية ذات تكلفة منخفضة وآثارها المحتملة على اقتصاديات الدول المنتجة .
3. قدرة الدول المنتجة ذات التكلفة الأعلى من المنافسة من خلال تكييف نظم الضرائب و العوائد royalties فيهما.
الشرق الاوسط في تقرير بي بي:
يفرد التقرير حيزاً كبيراً للدول النفطية الشرق الاوسطية، ولاغرابة في ذالك لما حبته الطبيعة و المصادفة الجيولوجية من وفرة في احتياطياتهما النفطية والغازية المؤكدة، وهو ما جعلها تحتفظ بموقعها كأكبر كتلة جغرافية مصدرة للنفط ،بيد انها مرشحة لخسارة موقعها العالمي كمصدر للغاز الطبيعي مع الزيادة المطردة في استهلاكها من الغاز خلال القترة موضوع البحث :
*بحلول عام 2035 ستستأثر دول الشرق الاوسط ب4% فقط من مجموع سكان العالم ، إلاانها ستسهم بنسبة 8% من الاستهلاك العالمي من الطاقة نظرا لارتفاع متوسط الاستهلاك الفردي للطاقة فيها .
*سيرتفع استهلاك الطاقة في الدول الشرق الاوسط بنسبة 50% بحلول عام 2035 وسيمثل فيها الغاز الطبيعي ما يزيدعن نصف الزيادة من النمو في استهلاكها من الطاقة.
* ان كثافة الطاقة Energy Intensity والذي يعرفه الاقتصاديون « بانه مقدار الوحدة الواحدة من الطاقة المطلوبة لأنتاج وحدة واحدةمن الناتج المحلي اجمالي GDP» يتوقع ان تهبط بمقدار 17% بحلول عام 2035 بعد الزيادة المتواصلة التي شهدتها منذ منتصف السبعينات ، بيد ان دول الشرق الاوسط ستتجاوز كثافة الطاقة في روسيا الاتحادية لتصبح من المناطق اكثر كثافة للطاقة في العالم .
* سيشهد انتاج النفط نمواً بمقدار 29% او ما يعادل 9مليوناً برميل يومياً بحلول عام 2035 على خلفية الزيادة المتوقعة في لأنتاج كل من السعودية والعراق وايران.
*ستبقى منطقة الشرق الاوسط المنطقة الجغرافية الاولى عالميا من حيث الانتاج اذ سترتفع حصتها من الامدادات العالمية لتصل الى 37% بحلول عام 2035 مقابل 32% في الوقت الحاضر .
*ستحتفظ منطقت الشرق الاوسط بمرتبتها الاولى عالمياً من حيث حجم الصادرات النفطية والتي ستصل الى27مليون برميل يومياً بحلول عام 2035 مقابل 21مليون برميل يومياً في الوقت الحاضر.
*يحذر التقرير من ان حصة الشرق الاوسط من صادراتها من سوائل الغاز الطبيعي LNG ستبقى ثابتةعند12مليار قدم مكعب يومياً وهو ما سيؤدي الى تراجع حصتها من صادراتها من الغاز الطبيعي المسال الى 16% بحلول عام 2035 مقابل 37% حالياً . وهو استنتاج صادم لدولة مثل قطر التي تعول كثيراً على صادراتها من الغاز الطبيعي المسال .
وفي الختام نضع هذا التقرير بين أيدي صناع القرار في دول منطقة الشرق الاوسط لاستخلاص الدروس والعبر المستقاة منه .
آفاق الطاقة في العالم وفقاً لتقرير بي بي السنوي
التعليقات مغلقة