أ.د. علي كاظم الرفيعي
رئيس التحالف المدني الديمقراطي
العراق كاغلب دول العالم بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب وهو مانصت عليه المادة(3 ) من دستور العراق لعام 2005 النافذ المفعول.
لذلك فان النظام القانوني الذي يراد تطبيقه في مثل هذه الدول ـوالعراق احدهاـ ينبغي ان يأخذ بعين الاعتبار هذه الحقيقة وينطلق منها في تثبيت حقوق المواطن وحمايتها من العدوان وهو مايدخل في صميم مهمة الدولة الحديثة.
مايؤمن ذلك، في اعتقادنا، هو الدولة المدنية بكل اشكالها البسيطة والفدرالية والكونفدرالية ، وهي دولة تسمو في سلوكياتها عن الفوارق على اساس الطائفة او المذهب او القومية. هي سمة اساسية للدولة المدنية ،دولة المؤسسات ، لا دولة الطوائف والعشائر، دولة المواطنة لا دولة الهويات الفرعية الضيقة ، الدولة التي تعتمد مبدأ المواطنة اساساً وعدم التميز القائم على الدين او القومية او المعتقد.
وهو ما اكدت عليه الوثائق الدولية لحقوق الانسان منذ الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 (المادة 18) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 المادة (18) واعلان عام (1981) بشأن القضاء على جميع اشكال التعصب والتمييز القائمين على اساس الدين او المعتقد.
وبخلاف الدولة المدنية هناك (الدولة الدينية) التي يمكن وصفها في بلد متعدد الاديان والقوميات والمذاهب بانها (دولة منحازة) لدين الاكثرية واضيق من ذلك تكون منحازة لدين او لقومية او لطائفة الاغلبية ، وهذا يعني في المحصلة انعدام عامل توحيد وتماسك المواطنين.
وتزداد مع الزمن عوامل التمزق والتفكك كلما زاد كبت الخصوصيات المختلفة في المجتمع وهو مايقود بالتالي الى بروز ظاهرة الهيمنة والتفرد بالسلطة وهو ما سيولد ردود فعل برفض الهيمنة واحتكار السلطة من جانب القوى السياسية النفعية التي ترتدي رداء الدين او الطائفة او القومية زوراً وبهتاناً.
وسيتخذ هذا الرفض طابع العنف والعنف المضاد وربما طابع الحركات المسلحة المنظمة الذي يؤدي بالنتيجة الى اضرار وخسائر جسيمة لاتعوض بالارواح والاموال وقد يؤدي بدوره الى ضياع الدولة ومستقبل الاجيال وتقسيمها على اساس الهويات الطائفية او الاثنية.
ان الدولة المدنية هي دولة المواطنة التي تحترم جميع مواطنيها، تحترم دياناتهم ومعتقداتهم وتسمح لهم بممارسة شعائرهم وطقوسهم في اطار القانون ، وتنظر الى الاديان والمذاهب على اساس انها مدارس فكرية لها دور مهم في تربية وتوجيه اتباعها ولاتميز بينها ولاتحابي واحدة على الاخرى لانها ـ الدولة المدنيةـ دولة غير منحازة دولة المواطنة والتسامح والمساواة.
تجربة العراق للسنوات التي مرت منذ العام 2003 ولحد الان اثبتت الفشل الذريع للسياسة التي انتهجتها الاحزاب المهيمنة على المشهد السياسي وهي سياسة المحاصصة الطائفية والاثنية اذ افتقد المواطن العراقي الحماية المطلوبة لخصوصيته وحقوقه الانسانية.
وقد تعرض اغلب المواطنين من المسلمين وابناء الديانات والطوائف الاخرى للاضطهاد بصور مختلفة وافتقدوا الامان. وظاهرة الهجرة لابناء الديانات والطوائف غير الاسلامية من مسيحيين وصابئة مندانيين وايزيديين وغيرهم خير دليل على ذلك وهذا كله بسبب ضعف الدولة واجهزتها الامنية التي دب في مفاصلها الفساد عن حماية المواطنين.
الدولة المدنية ضمانة لحماية الحريات الدينية ولحقوق الانسان
التعليقات مغلقة