جسدت آلام الأمهات العراقيات
بغداد – احلام يوسف:
بمناسبة اليوم العالمي للمسرح وبدعم من وزارة الثقافة/ دائرة السينما والمسرح، قدمت الفرقة الوطنية للتمثيل مسرحية “رائحة حرب”، والمقتبسة عن رواية “التبس الامر على اللقلق” للكاتب الفلسطيني أكرم مسلم، وهي من تأليف مثال غازي، ويوسف البحري، والاخراج لعماد محمد، وقام بأداء الادوار كل من عزيز خيون، وعواطف نعيم، ويحيي ابراهيم. دارت احداث المسرحية حول فلك عائلة كانت نيابة عن عائلات عراقية كثيرة مرت بالظروف نفسها والحالات الانسانية والنفسية نفسها، وتتألف العائلة من ثلاثة افراد الجد والجدة والحفيد، الحفيد الذي كان كل ما تبقى لهم من اولادهم الذين تعددت اسباب موتهم، بتعدد الازمات والحروب والاقتتالات في العراق.
اختصرت الاحداث ما مر بالعراق من حروب عبثية خلفت ارامل وايتاما، فكانت الجدة تنعى اولادها حيث مات أحدهم في الحرب العراقية الايرانية والاخر في الحرب التي اعقبت احداث الكويت، والثالث في الحرب الطائفية التي انتجتها العقول المغيبة والغبية، وبقي الحفيد الذي تواءم مع “اللقلق الذي التبس عليه الأمر” وكان يصرخ ويقول انا مثل اللقلق أقف على ساق واحدة.
لم تشأ الجدة ان تمنح حفيدها اسما، حفاظا على حياته كما كانت تعلن، وتلك كانت اشارة لمن راحوا ضحية افكار التطرف، حين أصبح القتل على الهوية. الجد كان يتغنى ببطولاته التي لم تجد فيها الجدة أي شيء يدعو للفخر، بل كانت تصرخ بان الوطن لا يبنى بالدماء، بل بالحياة فليس هناك اوطان تعيش بموت ابنائها، بل انها تعمر وتنهض بأبنائها الاحياء، والاقوياء، والمخلصين لها، وكانت تصرخ بين الحين والحين الاخر، “اشم رائحة” وكانت صورة تعبيرية عن رائحة الموت والحرب.
أكرم مسلم مؤلف الرواية التي اقتبست احداث المسرحية منها كتب يقول: تقف شخصياتي الورقية الان على خشبة المسرح وتتنفس هواء بغداد الوفية، حيث الحرب أكثر من مجرد رائحة مرة، بل هي لون مريض، وملمس لزج، واصوات انفجارات، العراق القريب من القلب، بعيد عن المتناول، كي اشاهد بعيني الرؤية المسرحية لسرديتي، لكننا نقبض على جمرة الأمل، فتربّيه بشرى لغد، بعيد عن الحروب وويلاتها، ورائحتها.
وتحدث جابر الجابري الوكيل الاقدم لوزارة الثقافة عن المسرحية قائلا: الحروب بغض النظر عن مسبباتها وازمنة واماكن وقوعها فان نتائجها كارثية على المجتمع، وخاصة على النساء والاطفال، ومن هنا نرى موقف الجدة في مسرحية رائحة حرب، الرافض لها بقوة، لأنها اولا واخيرا من يتقطع نياط قلبها لخسارتها فلذات اكبادها قبل ان تتقطع اوصال الوطن، وهذا ما عانت منه الام العراقية.
كلمة اليوم العالمي للمسرح للعام 2017، التي كتبتها هذا العام الممثلة الفرنسية إيزابيل هوبرت قالت فيها: بدأ الاحتفال باليوم العالمي للمسرح بقرار من الهيئة العالمية للمسرح في باريس منذ عام 1962، وبات من التقاليد المسرحية، أن تكلف في كل عام مسرحيا مميزا لكتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح، والذي يصادف يوم 27 اذار من كل عام، وعادة ما تُلقى كلمة اليوم العالمي للمسرح من مقر منظمة اليونسكو في باريس، ويتم ترجمتها إلى أكثر من 20 لغة، وتقرأ في آلاف القاعات المسرحية حول العالم.
وأضافت: “باريس مدينة عالمية، ملائمة لاحتواء جميع تقاليد المسرح العريقة، من شتى بلدان العالم في هذا اليوم الاحتفالي، من هنا، من العاصمة الفرنسية، نستطيع أن نرتحل إلى اليابان من خلال تجربتنا لمسرح النو، ومسرح البونراكو الياباني، وأن نتعقب الخط الذي يصلنا من هنا إلى الأفكار والتعابير المتنوعة، كتنوع أوبرا بكين، ورقصة الكاتاكالي الهندية، فخشبة المسرح تسمح لنا بالمكوث طويلا ما بين اليونان وإسكندنافيا.
اليوم العالمي للمسرح يفتتح بمسرحية “رائحة حرب”
التعليقات مغلقة