النزاهة ومهمة الحرب على لصوص بهيئة ملائكة

قال تعالى [بسم الله الرحمن الرحيم ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون] من منا لم يقرأ ويردد الاية الكريمة من سورة الروم، وفي دواخله تفسير واحد للفساد، هو الانحلال الخلقي، وشرب الخمر، وانتشار اماكن اللهو وغيرها من المظاهر العصرية التي كنا نطلق عليها فسادا، ويمارسها اغلبنا اليوم سرا او علانية ومن دواع مختلفة، او نجد لها مبررات نفسية واجتماعية ونخرجها من خانة الفساد التي وضعناها بها لعقود طويلة تنمطنا فيها على مفهوم قاصر للفساد غير مدركين انه سيكون آفة زماننا القاتلة من دون ان نشعر.
قبل ايام جمعتني جلسة خاصة مع الدكتور حسن الياسري رئيس هيئة النزاهة برفقة مجموعة من الاعلاميين المهتمين بشؤون محاربة الفساد، ومن خلال الحديث مع الياسري يتضح جليا ان هناك جهودا هائلة تبذل، وان معركة الفساد المقبلة لاتقل اهمية وخطورة عن المعركة ضد الارهاب اذا لم تكن اخطر منها لكن النصر فيها غير مؤكد، لكثير من الاسباب منها:
* ان اعلى الاصوات البرلمانية والسياسية والاعلامية المنادية بالحرب على الفساد هي الاكثر فسادا.
* ان اخطر انواع الفساد هو الذي لايحد منه قانون، ولاتكشفه وثيقة، ولا يتمكن من الامساك بخيوطه اذكى المحققين.
* ان هيئة النزاهة مهما بلغت من همة وعزيمة وارادة لن تتمكن من ايقاف الفساد لاسباب سياسية وقانونية وادارية الا بتعاضد وتعاون الجميع معها.
* ان كثرة وتعدد الهيئات والمؤسسات التي تضطلع بمهام محاربة الفساد مثل ديوان الرقابة المالية، ولجنة النزاهة البرلمانية، والهيئات القضائية المختصة امر له مفعول عكسي احيانا.
* اكثر المؤسسات الاعلامية غارقة باللهاث خلف عقود التجهيز والمقاولات من الوزارات والجهات التنفيذية فكيف لها محاربة الفساد.
* ان ثقافتنا العراقية تتهاون مع الفاسد والفساد وتسمح بأن يتصدر المجتمع وجهاء واثرياء مصدر جاههم وثرائهم المال الحرام.
وبعد كل ذلك تبادرت الى ذهني قناعة ان الحرب على الفساد تتطلب تشريع (قانون مكافحة الفساد) على غرار (قانون مكافحة الارهاب) فالقوانين النافذة اليوم تتعامل مع الفساد على مفهوم حفلات الطرب، والسهر خارج المنزل الذي كان يتربع على قمة هرم الفساد حسب تصنيف اهل الامس.
فمهما بلغت شجاعة الشجعان لايمكنهم كسب الحرب باسلحة بدائية، ضد اللصوص، والحرامية، والسيبندية، والكلاوجية، والمزورين، والمرتشين، والكاذبين، والنهيبية، والشطار والعيارين، وغيرهم ممن ينضوون اليوم تحت عنوان (الفاسدين).
عباس عبود سالم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة