لماذا ستفشل «الروبوتات» في منافسة وظائف الإنسان؟

الذكاء الصناعي لن ينافس عمق العقل البشري
عرض – أمل أحمد:

«عالم تحكمه الروبوتات».. ترددت هذه الفكرة كثيرًا في الكتابات الحديثة حول تأثيرات مستقبل التكنولوجيا على العالم, اذ هناك اعتقادًا سائدًا أنه ستحدث «أتمتة» لجميع الوظائف، وقد يصل الأمر إلى تولي الروبوتات المناصب الإدارية العليا, بل إن هناك مَن يبالغون كثيرًا في توقعاتهم حول المستقبل، عندما يُشيرون إلى الروبوتات كأحد تجليات الذكاء الصناعي، وأنها ستقوم بتطوير نفسها وإنتاج جيل جديد من الروبوتات.. فهل تلك الادعاءات صحيحة؟.
يسعى «ديباك شوبرا» أحد أبرز المتحدثين عن التكنولوجيا في الولايات المتحدة، ومؤلف الكتاب الشهير «الجينات السوبر»، للإجابة على ذلك التساؤل في مقال له تحت عنوان «الذكاء الصناعي لن ينافس عمق العقل البشري»، وقد نشر المقال في صيف 2016 بدورية «آفاق جديدة New perspectives» التي يُصدرها مركز دراسة المؤسسات الديمقراطية التابع لجامعة فاندربيلت الأميركية.

أنسنة «الذكاء الصناعي»
مايزال هناك تقدم في مجال الذكاء الصناعي منذ اكتشافه قبل ما يزيد عن 60 عامًا، ويتوقع بعض المتخصصين في هذا المجال أن تصل درجة تطور الذكاء الصناعي إلى درجة تضاهي العقل البشري وتعقيداته المختلفة.
وبالرغم من أن أجهزة الحاسب الآلي تتمتع بمزايا هائلة مثل: سرعة إنجاز الأعمال، وقدرة التعامل مع اللوغاريتمات المعقدة بسرعة تفوق أذكى العقول البشرية، إلا أن هذا لا يعني أنها قادرة على التحول إلى البشر والتفكير مثلهم.
ويرى شوبرا في مقاله أن هذا الجدل لا أساس له من الصحة، فعلى سبيل المثال، قد يتم إعطاء صفحة من كتاب باللغة الألمانية لشخص وإعطاء نفس الصفحة لحاسوب لترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، وسيقوم الحاسوب بترجمتها في الحال وبسرعة تفوق الإنسان إلى اللغة الإنجليزية، بينما سيستغرق الشخص مدة أطول, غير أن هذا لا يعني أن الحاسوب يفكر، بل إنه قد قام بمطابقة الكلمات والعبارات مع القاموس المحفوظ لديه، فيما العقل البشري يحتاج لوقت أطول للتفكير في الصياغة المناسبة والمعاني المتشابهة, يُضاف إلى هذا أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن الحاسوب يقوم بترجمة ما يُعطَى له من أوامر وفقًا لما تم برمجته عليه من قبل البشر، ولو تمت البرمجة بشكل خاطئ فسيقوم بعمليات خاطئةأيضًا، فإن أجهزة الحاسوب لا تستطيع الاختراع أو الابتكار، فضلا عن أنها تتبع التعليمات بدقة مبالغ فيها، دون الأخذ في الحسبان اختلاف السياق، وجميع الجوانب غير العقلانية التي عادةً ما يتم مراعاتها من قبل البشر.

حجج مضادة
عادةً ما يرفض أنصار فكرة تفوق الذكاء الصناعي على نظيره البشري الحجج السابقة، زاعمين أنها حجج ميتافيزيقية لا يمكن إثباتها أو قياسها، وقد يحدث أن يتم اختراع نظام ذكاء اصطناعي قادر على الوصول إلى مشاعر البشر والتفكير.
ويضيف هؤلاء الأنصار حجة إضافية بأن هناك فرقًا بين «العقل» و»الدماغ»، فالدماغ مكون مادي يحتوي على المخ والمخيخ وجذع الدماغ، أما العقل فهو شيء غير ملموس يُقصد به القدرة على التفكير.
فبرغم أن العقل موجود عند جميع البشر، فإنك تجد تفاوتًا بين البشر في درجة الفهم والتحليل، وهو أمر لم يستطع العلم التوصل إلى سبب محدد له، فكيف سيقوم العلماء بصنع نظام للذكاء الصناعي قادر على التفكير بنحو مستقل في ظل عدم قدرتهم على تصور شكل ملموس للعقل؟.
وحتى إن قام العلماء بخلق العقل للذكاء الصناعي، فكيف يضمنون أن تكون جميع أنظمة الذكاء الصناعي على نفس الدرجة من التفكير، ولا يحدث معهم التفاوت الذي يحدث بين البشر؟.
* باحثة ماجستير في جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة