المدنية الانتخابية !

عمار البغدادي
كاتب عراقي
في الثمانينات من القرن الماضي اثار بعض المفكرين والكتاب مسألة الديموقراطية وامكانية العمل عليها «الية لبناء نظام وطني» يحكمه الاسلاميون فيما لو تم اسقاط النظام من اجل استيعاب حاجات المجتمع واهدافه في الحياة الحرة الكريمة ولايتصادم مع فكرة المطالبة بالحكومة الاسلامية او الحكم القائم بالاسلام..كان هنالك تيار من الاسلاميين العراقيين يرفض الحديث عن الديموقراطية ويعتبره مقدمة لقبول الافكار الغربية او الانغماس بالحضارة الغربية ونفي الاسلام!.
ومع اقتراب حملة الاطاحة بالنظام العراقي بدا الاسلاميون العراقيون يتحدثون عن «الديموقراطية» الية لبناء النظام والية مماثلة لتسيير شؤون الامة وادارة المسالة الانتخابية!.
ماجرى في الثمانينات «في نظري» كان كلاما على رسله ولم يكن وجهة نظر مدعمة بالحجة المثقلة بالدليل الشرعي او الفلسفي في الاسلام وكل التنظير الذي وقف في مواجهة فكرة «الاليات الديموقراطية» والشبوط حين طرح»الاليات الديموقراطية» لم يكن يقصد تاسيس دين جديد لادارة الحياة الاسلامية وهو يؤكد ضرورة الافادة من التجربة الغربية في ادارة الحياة السياسية لكن «الجو الانغماسي» المقيد بالاليات الثورية في المدرسة الايرانية و» الخجل من الهيبة الفكرية للامام الخميني وجمهوريته» كان سببا في عرقلة امكانية انفتاح فقهاء في المعارضة العراقية وقفوا في مواجهة « الاليات الديموقراطية» وثقفوا جيلا من الاسلاميين على التعاطي من موقع السلب مع التوجهات التي تقف في مواجهة الديموقراطية لحساب الاخذ بمبدا « الشورى» مع ان لاعلاقة بالمطلق في كل النقاش الذي اثاره الشبوط في ذلك الوقت « وقد كنت شاهدا على احتداماته وجدلياته» بين شورى الاسلاميين وديموقراطية غيرهم!.
اليوم يعود النقاش بين بعض ابناء التيار المدني او الملتحقين به حديثا وبين جيل الاسلاميين الذين لهم راي في الديموقراطية الغربية والافادة من تجربتها والياتها في بناء النظم والانتخابات وتسيير شؤون الامة لكن هذه المرة على شكل اتهامات وتقاذف بالكلمات وتشهير بالفاظ لاعلاقة لها باصل الحوار حول المدنية والاسلام المعروف بلغة الاسلاميين!.
هنا اقول ..ليس هنالك علاقة بين مدنية البعض واسلامية الاخرين ممن وردت اسمائهم في بعض المقلات وماجرى من تقاذف بالكلمات بين تيار وتيار جبهة وجبهة اخرى منافسة على اساس انتخابي!.
على فريق التيار المدني ان يقنعنا نحن العراقيين الذين سنتوجه الى الانتخابات التشريعية القادمة ان المدنية افضل من الاسلام او ان التيار المدني افضل من التيار الاسلامي من خلال وجود برنامج اجتماعي اقتصادي سياسي لبناء الدولة وادارة المجتمع ومواجهة التحديات الكبرى القادمة بعد التحرير.
مهمة المدني ليست سهلة كما ان مهمة التيار الاسلامي لن تكون سهلة ابدا اذا مااراد الحفاظ على مقاعده في البرلمان ووجوده في الامة.
من يقنعنا بنوعية افكاره وتطبيقاته في مجال تاسيس نظام للخدمة وانتشال العراقيين من سحيق الجهل والتخلف والبطالة والتضخم والاحتلال الداعشي وخلل الامن من حقه ان يحكم وليس هنالك «صك» لدى احد بحكم العراق والاستمرار في الهيمنة على عقله والتسلط على افكاره وتوجهاته الاجتماعية ومن ينتخب في المستقبل.
ان الاسماء التي وردت في تلك المقالات لم تكن الوحيدة التي رفعت عنوان الاسلام ثم لم يكتب لها التوفيق في ادارة الدولة انما يقف كل الاسلاميين من اقصى تياراتهم الثورية والسياسية الى ادنى جبهة لهم وليس هنالك منزه في هذا السبيل بما فيهم تيار المنصة التي يقف خطيبا باسمها وناطقا بلسان البيانات الصادرة عنها وهي منصة تشمل كل الجماعات الماركسية والاسلامية والعلمانية التي جربها العراقيون منذ 9 نيسان الى اليوم!.
كنت اتمنى ان يأتي المقال على ذكر اسماء اخرى من التيار الاسلامي فشلت ايضا في ادارة الوزارات العراقية التي تسلمتها وقدمت اسوء أنموذج في النزاهة والحرص والاخلاص للامة واهدافها البسيطة في الحياة..لكنني لم ار اسما من اسمائهم هؤلاء الكتاب كل العذر لعدم ذكره لتلك الاسماء بسبب طغيان لغة الكواتم على لغة الخطاب المتصالح والمتسالم!.
انا معكم في مواجهة «ربع» المنصات و»ربع الاسلامويات» الذين خذلوا الامة والشعب والمحرومين وفقراء الشيعة وتحولوا بقدرة قادر الى وزراء وراء الصبات لكن الضرورة تقتضي العمل على تقديم البديل المدني الناجح بعد انهيار جبهة العنوان الاسلاموي الشيعي الفاشل!.
اخشى ان تكون «المدنية» الجديدة رافعة انتخابية مثلما استخدم « الاسلاميون «الرافعة الطائفية» و» علي والحسين والزهراء والامام السيستاني» رافعة انتخابية في الانتخابات الماضية!.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة