خالد الشاطي
جلسنا في فناء المرقد المقدس .
انشغلت زوجتي وحفيدتي بعدّ التوابيت المغطاة بالعَلَم .أحصتا (60) تابوتاً خلال ساعتين .
قالت حفيدتي :
– من أين يأتون بكل هذه الأعلام ؟!
قالت زوجتي :
– في كل مرات جلوسي هنا من خمسين سنة ، لم يحدث مثل هذا الأمر . حتى في اشتداد معارك الثمانينات لم يصل العدّ إلى نصف هذا العدد .
كانت حفيدتي تراقب رجل الدين كلما فرغ من صلاة الجنازة يحادث ذوي الميت ، يكتب شيئاً في دفتر صغير، يدسّ الورقة النقدية في جيبه ليبتعد وينزوي بانتظار التابوت القادم . تساءلَتْ عما يقوله ويكتبه .
– أظن أنه يكتب أسم الميت ؛ ليصلي له فيما بعد صلاة الوحشة .
– يصلي لستين ميتا ؟!!
– ربما يكتفي بصلاة واحدة ويهديها لجميع الموتى .
– وهل بإمكاني أن أصلي لهم صلاة الوحشة ؟
– بالطبع بإمكانك يا حبيبتي .
في طريق عودتنا قالت :
– هل سيدفنون معاً ؟
– نعم . في مقبرة الشهداء .
– لن أصلي لهم إذن .
– لماذا ؟!
– ستون ميتاً لن يشعروا بالوحشة.
وران عليها صمت مطبق .