الترويج للحرب العالمية الثالثة ما أهدافها.. ومن المستفيد منها؟

في ظل تفاقم الأزمة السورية بسبب الصراع الإقليمي
ترجمة: سناء علي

في تقارير متتابعة نشرت على صفحات الصحافة البريطانية لعدد من المراقبين من الكتاب والمحللين السياسيين اشاروا الى ان هناك « دورة لا تنتهي من الرعب الذي يعيشه المجتمع الدولي في الوقت الراهن نتيجة لكثرة الازمات والتوتر في أكثر من بقعة حول العالم، إضافة الى امتلاك دول العالم لأكثر الأسلحة فتكاً ودمارًا، إضافة الى صراع المحاور نتيجة لاختلاف المصالح وتناقض المواقف.»
ولان الازمة السورية هي الاكثر تهديداً للسلم العالمي، في الوقت الحالي، حسب وجهة نظر المراقبين كونها ارتبطت بالصراع ضد الإرهاب من جهة، والحروب بالوكالة بين دول إقليمية ودولية من جهة أخرى، فان الصراع العالمي دخل منعطفاً خطيرًا على مستويين اولهما انعدام الحل السلمي للازمة السورية بعد فشل مفاوضات جنيف الأخيرة، إضافة الى عدم التوصل لاتفاق حول وقف إطلاق النار بين الدول الكبرى.»
اما الثاني فأوضحوا ان استعداد المحور المناهض للنظام السوري وحلفائه الروس للتصعيد العسكري بعد المكاسب الميدانية التي حققها النظام السوري في حلب، إضافة الى المكاسب الميدانية التي حققها الاكراد مقابل المعارضة المدعومة من قبل تركيا والسعودية.»
وأكد المراقبون أن» الدعاية الإعلامية والترويج لحرب عالمية ثالثة، ربما تكون ضربًا من ضروب التضخيم والتهويل أكثر مما هي حقيقية واقعية، خصوصاً وان العالم متفق على عدم الانجرار وراء حرب عالمية كونية يمكن ان تؤدي الى زوال البشرية او تكرار أخطاء الحرب العالمية الأولى والثانية في اقل تقدير.»
وفي السياق نفسه أشار عدد من الباحثين ايضاً الى ان « التوتر والخلاف بدأ بنحو فعلي بعد التدخل المفاجئ لروسيا في حرب سوريا وهو ما اسهم بتغير موازين القوى وافشال خطط واحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان يسعى الى إقامة منطقة عازلة، تمكنه من فرض سيطرته المطلقة على الحدود وبالتالي ابعاد شبح اقامة دولة خاصة بالكرد الذين اصبحوا اليوم سلاحاً مهماً بيد روسيا خاصة بعد الانتصارات التي حققوها في الفترة الاخيرة، وهو ما زاد في غضب أردوغان الذي اقدم على مجازفة كبيرة وغير مدروسة، بهدف لجم واضعاف الدب الروسي الذي سيسعى الى توسيع الحرب الحالية لتشمل تركيا.
الباحثون في تصريحات مؤكدة أثبتوا ان تركيا تسعى للترويج لعمل بري داخل سوريا، بعد ان مالت الموازين العسكرية لصالح روسيا الداعم الرئيسي للنظام السوري، خصوصاً في حلب، واقترابها من مدينة «اعزاز» باتجاه الحدود التركية، الى جانب سيطرة اكراد سوريا على مساحات واسعة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا، الامر الذي أضعف موقفها كثيراً، ودعاها الى البحث عن حلفاء للدخول بصورة مباشرة لتعديل الموازين.»
كما بينوا ان « خلاف تركيا مع الاكراد يمتد الى عقود من الزمن، تحاول فيه تركيا منع الاكراد من تحقيق طموحاتهم الانفصالية في تركيا والعراق وسوريا، ومع الفوضى الكبيرة في سوريا، تمدد اكرادها الى المزيد من الأراضي من المعارضة، مع طموح نيل حكم ذاتي في المستقبل.»
واشاروا الى ان المسلحين الاكراد اقتربوا من مدينة «اعزاز»، مع اقتراب طرد المعارضة المدعومة من تركيا منها، «وحذّرت أنقرة مراراً الأكراد من دخول هذه المدينة تخوفاً من ربط الأقاليم الكردية في شرق سورية وشمالها».
المراقبون نفوا قدرة تركيا على تحجيم دور الاكراد الا بعملية برية محدودة قرب الحدود مع تركيا، وهي خطوة تتردد تركيا من خوض غمارها بمفردها، وقال مسؤول تركي «نريد عملية برية مع حلفائنا الدوليين، ومن دون عملية على الأرض، من المستحيل وقف المعارك في سورية»، فيما قال وزير خارجية تركيا مولود تشاوس أوغلو «ليس من الواقعي لتركيا والسعودية وقطر أن تنفّذ بمفردها عملية برية في سورية»، مؤكداً أنه «لم يُتخذ بعد قرار في شأن عملية في سورية ولم تتم مناقشة استراتيجية بهذا الخصوص بنحو جاد مع الحلفاء , وقال نائب رئيس الوزراء التركي يالجين أقدوغان، «ما نريده هو إقامة شريط أمني يشمل أعزاز بعمق عشرة كيلومترات داخل سوريا وهذه المنطقة يجب أن تكون خالية من الاشتباكات.»
كما اضافوا ان «أعزاز هي آخر معقل للمعارضة قبل الحدود التركية وتقع إلى الشمال من مدينة حلب في شمال سوريا وكانت قبل هجوم القوات السورية جزءا من مسار إمدادات قادمة من تركيا إلى قوات المعارضة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد.»
كما اوضحوا ان» موسكو ردت ، من خلال الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بالقول «من الواضح أن هذا يهدف إلى ضمان استمرار وصول إمدادات يومية لتنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية من السلاح والذخيرة والغذاء من تركيا عبر هذه المنطقة وأيضاً السماح لها بأن تكون ممراً للإرهابيين».
وأشاروا الى أن «عملية برية واسعة النطاق تبدو بعيدة الاحتمال في الوقت الحاضر، حيث استبعدت الولايات المتحدة ذلك، كما رفضت القيام بأي عمليات ضد النظام السوري وحلفائه، وحذرت روسيا من شن هجوم بري، لأنها ستورط الأطراف المشاركة في حرب حقيقية».
كما اكدوا ان «هناك تردداً تركياً في دخول حرب برية في سوريا على بقية حلفائها، كالسعودية وقطر، بعد ان تركت في الميدان وحيدة، خصوصا وان الولايات المتحدة الاميركية لم تعطِ الضوء الأخضر لإطلاق عمليات برية «محدودة» داخل سوريا، إضافة الى المعارضة الروسية لأي تدخل ممكن ان يؤدي الى مواجهة عسكرية مباشرة غير مضمونة العواقب.»
واختتموا تقريرهم بالقول ان « تركيا اليوم في حيرة من امرها بين التدخل بمفردها، وهو امر صعب للغاية ويضعها امام مطرقة المجتمع الدولي وسندان الدب الروسي، وبين الضغط على حلفاء مترددين من مواجهة عواقب هذا التدخل.»

* عن صحيفتي الـ «صن تايمز والجارديان» البريطانيتين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة