د. علي شمخي
خلافا للتمنيات ولا اقول التوقعات لم يرتق اعضاء مجلس النواب الجدد الى مستوى التحدي والحدث الاهم الذي يحيط بالعراق ارضا وشعبا.. فقد تابعت الملايين وقائع الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب الجديد بعد مخاض طويل صبر فيه العراقيون كثيرا بانتظار تحقيق الاستحقاق الانتخابي الثاني المتمثل بانتخاب الرئاسات الثلاث بعد مشاركتهم الناجحة في الاستحقاق الاول ….. ومثلما توقع الكثيرون انزاح الاداء البرلماني والسياسي لممثلي الشعب العراقي السابق على الاداء الحالي للنواب الجدد وزعماء الكتل وممثليها، فقد كانت باكورة الافتتاح باكورة (ملغومة) ان صح التعبير تربصت فيها كل كتلة بنظيرتها وفشل الحاضرون في الاستجابة لتوسلات الرئيس الاكبر سنا وتأكيده ان ما يجمعنا اهم واسمى من مشكلاتنا السياسية التي فرقتنا وزادتنا بعدا عن الوطن وشعبه..!! وخلف شاشات النقل المباشر لوقائع هذه الجلسة كان الملايين في العراق والعالم يتوقعون من مجلس النواب العراقي الجديد ان يرتقي لاحداث العراق العسكرية والامنية التي ما فتئت تهدد وحدة العراق ووجوده.. كما كانوا يتوقعون ان تأتي الجلسة بنتائج تتناغم مع النجاحات في اعادة زمام المبادرة للجيش العراقي ومطاردته للمجاميع المسلحة من (داعش) ومناصريها في شمال بغداد وتكريت والموصل الا ان كل هذه التوقعات ذهبت ادراج الرياح مع عودة زعماء الكتل السياسية الى طريقتهم البالية والمقيتة في تأزيم المشهد السياسي داخل قبة البرلمان وترحيل الاستحقاقات والازمات الى اجل غير مسمى فيما قلوب العراقيين ونفوسهم تتلوى ألماً وهي تشاطر الاف النازحين من النساء والاطفال والشيوخ تهيم في الاراضي العراقية الشاسعة بحثا عن مأوى ومنجى من القذائف ورصاص البنادق الذي مزق احلامهم وامانيهم بالاستقرار في وطنهم..!!
لقد تصرف السيد النجيفي كأنه في بلد ينعم بالاستقرار والامان والرفاهية عندما اقترح اقتراحا بنظرنا واعتقادنا لئيما وماكرا بتأجيل الجلسة لنصف ساعة فيما حسبه بعضهم اقتراحا بريئا، فنصف الساعة استحالت الى جلسة غير مكتملة النصاب (هرب) فيها من اقسم قبل دقائق وادى اليمين بحفظ العهد امام الشعب العراقي من قاعة المجلس، ثم وجد رئيس المجلس الاكبر سنا نفسه امام مجلس غير مكتمل النصاب مما اعاد المشهد العراقي الى سابق عهده خلال الدورة الماضية.. نفور وجحود عن الوفاء لهذا الشعب ولهذه التضحيات الجسام وتقبل للامعان في تعميق معاناة العراقيين اكثر واكثر… وكان يمكن لقليل من الغيرة والحياء لمن تخلفوا او اختلفوا ان ترتقي بهذه الجلسة الى امال وتطلعات العراقيين في طوي صفحة الماضي بكل ما علق فيها من اثام والانطلاق نحو صفجة جديدة تعيد الثقة والايمان الى نفوس العراقيين وترسم معالم طريق جديد يجنبهم الازمات…!! وبدلا من الخير والعطاء بدا مشهد مجلس النواب العراقي يوم امس قاحلا مجدبا مخيبا لامال الشعب وتطلعاته الذي سئم كثيرا من ترحيل الازمات وبقاء مشاهد الفوضى والانتكاسات السياسية والامنية.