الصباح الجديد ـ وكالات:
دخان يتصاعد من منزل صاحب الارض حيث وضع خزان الوقود المنفجر في قرية التليل في منطقة عكار شمال لبنان في 15 آب/أغسطس 2021 afp_tickers
وسادت في لبنان امس الاثنين أجواء من الحداد والصدمة الممزوجة بغضب شعبي غداة مقتل نحو 30 شخصاً في شمال البلاد كانوا يحاولون الحصول على بضعة ليترات من البنزين من خزان انفجر بهم، في كارثة جديدة مني بها البلد الغارق في أزمات ومآس متلاحقة منذ عامين.
وأعاد انفجار خزان الوقود إلى الأذهان انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس 2020 الذي أودى بحياة 200 شخص على الأقل ولم يتخط اللبنانيون حتى الآن صدمته. وقد نتج عن تخزين كميات ضخمة من نيرات الأمونيوم في عنبر من دون أي إجراءات وقاية. بينما خزان الوقود الذي انفجر في بلدة التليل في منطقة عكار الشمالية كان يحوي كميات من البنزين المخزّن في غير مكانه، في وقت لا يتوافر البنزين لسكان المنطقة. ، وأعلنت السلطات حداداً وطنياً الإثنين على الضحايا.
وتقول فرح (21 عاما) الشابة المتخرجة حديثا من الجامعة، “لا أعرف إن كنت أبكي على انفجار عكار أو على كل شيء. أخشى أن نصل إلى مرحلة نصبح مضطرين إلى الهرب عبر البحر.. وربما نموت غرقاً”.
وتضيف “خفت أكثر بعد انفجار عكار… صرت أسأل نفسي: ماذا لو وقع الانفجار قرب منزلي؟” لوجود محطتي محروقات في الجوار.
ينتظر اللبنانيون يومياً في طوابير طويلة أمام محطات الوقود للحصول على كميات قليلة من البنزين، بينما أقفلت بعض المحطات أبوابها. ويلجأ كثيرون إلى شراء المحروقات من السوق السوداء.
ويعود السبب الأساسي للأزمة الى أن مصرف لبنان لم يعد يملك ما يكفي من العملات الأجنبية ليفتح اعتمادات لاستيراد المحروقات بسعر الدولار الرسمي (أي 1500 ليرة، أو حتى بالسعر الذي حدده منذ أشهر 3900 ليرة لبنانية)، فأعلن أن الاعتمادات ستفتح بالسعر المتداول بالدولار في السوق السوداء، أي نحو عشرين ألف ليرة.
ويعني ذلك أن أسعار المحروقات سترتفع بنسبة تفوق 300 في المئة. ويغذي شح المحروقات الاحتكار. في الوقت نفسه، أكد مسؤولون وتقارير إعلامية مرارا أن كميات ضخمة من البنزين والمازوت تهرب الى سوريا المجاورة، ما يسهم في تعميق الأزمة.
يقوم الجيش اللبناني منذ أيام بحملة لفتح محطات بنزين او مستودعات تخزن وقوداً بالقوة. وكان الخزان الذي انفجر في الشمال جزءاً من هذه الحملة، إذ عثر الجيش فيه على كمية من البنزين، فصادرها لتوزيعها على المواطنين. وعندما هرع الأهالي الى المكان للحصول على بعض البنزين، ترك عناصر الجيش لهم ثلاثة آلاف ليتر، وفق ما قال شهود.
وحصلت فوضى في المكان، ثم وقع الانفجار الذي لم تعرف أسبابه بعد، وقد أدى الى مقتل 28 شخصاً على الأقل وعشرات المصابين معظمهم بحروق خطيرة. ولا تزال هناك أشلاء لم يتم التعرف على أصحابها بسبب تفحمها.
وقال طبيب في أحد مستشفيات عكار لفرانس برس إنه بدأت عمليات فحص الحمض النووي على كمية كبيرة من الأشلاء. ، وأكد عدد من سكان المنطقة عبر شاشات التلفزة خلال اليومين الماضيين أن هذا البنزين كان مخزنا ليهرب الى سوريا المحاذية لمنطقة عكار.
وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل يومين في مقابلة إذاعية “من غير المقبول ان نستورد 820 مليون دولار (في الشهر) من المحروقات ولا نرى لا مازوت ولا بنزين ولا كهرباء”. وأضاف أن هدف المصرف المركزي بتوفير الأموال للاستيراد، دعم “لبنان وليس بلدا آخر”.