الصباح الجديد – متابعة:
كان فن الرسم لقرون عدة يقتصر على الكانفاس والالوان الزيتية او المائية، ثم تطور الامر وصارت الوان الاكريليك حاضرة في الساحة التشكيلية، لا بل ان العديد من الفنانين يفضلونها على الالوان الاخرى لانها تجف بسرعة والوانها براقة ومشعة اكثر.
لم يكتف الفنانون وبدأوا بالبحث عن شيء جديد يميزون به انفسهم، فصرنا نتابع بعض الفنانين وهم يرسمون برمال خاصة، ومن ثم بالماء واخيرا القهوة، التي شهدنا ابداع بعض الفنانين وهم يشكلون لوحاتهم ببودرة القهوة الاعتيادية.
الفنان قاسم سليمان من مدينة البصرة انضم الى جمع هؤلاء الفنانين الذين اتجهوا الى الرسم بالقهوة، اذ يمتلك صندوقا خاصة بادوات الرسم لم يضع فيه الالوان الزيتية او الاكريليك او الالوان المائية بل نجد فيه بودرة القهوة.
يقول سليمان البالغ من العمر 22 عاماً أنّه يريد لأعماله ان تكون فريدة ومميزة، وبما ان الفنانين هنا اعتادوا استعمال الالوان المتعارف عليها في لوحاتهم فقد اخترت القهوة لتكون مادتي الاساس لانجاز اللوحة. لأنني بهذا أخرج على النمطية والمألوف، فأظهر بصورة مختلفة للناس جذّابة».
يقول سليمان ان انجاز لوحة واحدة يستغرق حوالي ساعتين، وأوضح أنه رسم أكثر من مئة بورتريه خلال السنوات الأربع الماضية وكلها بواسطة القهوة التي يمكن ان يتدرج فيها اللون من خلال كمية الماء الذي يمزج معها، وبذا فهي تشبه مادة الفحم التي تستعمل كثيرا من الفنانين، لكن بلون مختلف.
سليمان قرر في الآونة الأخيرة أن يتعاون مع فنانين آخرين ليمزجوا في لوحاتهم بين تقنيات الرسم بالقهوة والرسم التقليدي.
يقول: «حاولت القيام بعمل مشترك مع عدة فنانين، لرسم لوحة بورتريه بألوان عدّة، من القهوة والاكريليك والألوان الأخرى لإنتاج لوحة مختلفة، من خلال دمج جميع الألوان بها». وعمل مع الفنانة دعاء منشد في رسم لوحة للممثل الأميركي مورجان فريمان.
وتقول دعاء منشد: «انها فكرة جميلة وجديدة ونوع جديد يجذب المتلقي أنّا اظن أنّ الناس سيحاربون هذه الفكرة لانها جديدة وغير مألوفة هنا. فنحن طرحنا شيئاً جديداً على الساحة الفنية، لكني على يقين من انهم سيكتشفون ان لكل طريقة جماليتها وابداعها الخاص».
الرسم بالقهوة يوفّر اليوم مصدر دخل لسليمان هو في أمسّ الحاجة له في ظل ندرة فرص العمل في العراق حالياً. وأوضح الفنان الشاب أنه يبيع البورتريه بسعر يتراوح ما بين عشرة الى خمسة عشر دولاراً، حسب حجم الجهد الذي يبذلـه لإنجـازه وابعـاد اللوحـة.
وقد يجد البعض في سليمان مثالا حيا على ان من يجدّ يجد، وان فرص العمل المفقودة والعجز عن ايجادها ما هو الا حجة الكسالى، فلكل منا موهبة يمكن ان ينميها ويستثمرها بإيجاد فرصة لكسب لقمة العيش المهم ان نؤمن بقدرتنا على الانجاز والابداع، فتبقى الوظيفة الحكومية غير متاحة للكل، لكن ليس الكل وقع في حالة استسلام.