من بين اهم المساوئ التي جلبها نظام المحاصصة الحزبية المقيت الأهمال الكبير في الجهاز الاداري العراقي والاخلال الواضح بالتراتبية في العناوين الوظيفية المدنية والعسكرية والتفريط بمقومات الرصانة والكفاءة في تولي المسؤوليات وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها العراق خلال السنوات المنصرمة ومارافقها من حروب وحصار اقتصادي الا أن النظام السابق حرص على التمسك بمجموعة من المعايير التقويمية في مجال الإدارية مثلت الحد الادنى من جودة الاداء.
ويعرف الكثير من الموظفين والعسكريين الذين شغلوا عددا من المناصب في المؤسسات العسكرية والمدنية مدى الإلتزام والتقييد في منح الدرجات الوظيفية والمراتب العسكرية واشتراط منحها الحصول على مجموعة من المؤهلات والقدرات الفنية والشهادات الدراسية إضافة إلى الاختبارات التي تتحرى توفر الخبرة في مجال المناصب القيادية ومما يؤسف له هو التخلي الكبير عن كثير من هذه المقومات الفنية والاستسهال في منح العناوين بعد سقوط النظام السابق بشكل جعل النظام الاداري يعاني كثيرا من فقدان الاسس الصحيحة والعملية في إعادة بناء الجهاز الاداري الذي اصبح يعاني تحت وطأة الاعداد الكبيرة من الموظفين الذين ادخلوا الخدمة الوظيفية من دون تمحيص في قدراتهم والاخطر من ذلك تولي شخصيات حزبية لمناصب قيادية داخل الوزارات العراقية من دون ان تتوفر فيها المهارات الكافية لاشغال المناصب الوظيفية ويسري هذا الأمر على المؤسسات الامنية والعسكرية التي اختلط فيها المهني وغير المهني وباتت الكمية تطغى على النوعية في المراتب العسكرية حيث تتزاحم في المؤسسات العسكرية والامنية آلاف الرتب في الوقت الذي لا يملك الكثير من الضباط الخبرات في مجال عملهم وضاعت معالم التخصص في الكثير من مفاصل وزارتي الداخلية والدفاع وصار من المستساغ أن ترى عبر شاشات التلفزة (ضباط ركن ) يفترض أنهم يشغلون مكانا آخر يتعلق بالحركات العسكرية ويفترض أنهم خريجو كليات الاركان أو كلية الحرب الا أننا نشاهدهم في مؤسسات ادارية أو يتولون مهاما تتعلق بالمجال الاعلامي الأمني اوالعسكري مما خلق وضعا صعبا اسهم إلى حد كبير في تراجع مقومات الرصانة داخل هذه المؤسسات ..
ان مراجعة سريعة للثغرات الكبيرة والفوضى التي يعيشها الجهاز الاداري في العراق بشقيه المدني والعسكري تكشف خطورة الاهمال من قبل الدولة العراقية تجاه مفصل مهم من مفاصل الدولة يستوجب وضع الخطط المطلوبة لاعادة تصويب الاخطاء وتقويم الاعمال ووقف الممارسات السيئة التي أدت الى فقدان الثقة بالمؤسسات الوظيفية في العراق من قبل المواطنين وعدم احترام القوانين الادارية من قبل الموظفين أنفسهم.
د. علي شمخي