كاظم مرشد السلوم
ميزة مهمة تلك التي تتفرد بها السينما الأميركية أو سينما هوليوود عن بقية السينمات الوطنية الأخرى، كالسينما الفرنسية أو الايطالية أو الألمانية أو الروسية وغيرها من سينما دول العالم، هذه الميزة هي التي جعلت أفلام هوليوود، تحظى بنسبة مشاهدة كبيرة في شتى دول العالم، وبالتالي حصول هذه الأفلام على إيرادات هائلة تصل الى مئات الملايين من الدولارات، هذه الميزة ليست هي توفر هوليوود على كبار المخرجين والممثلين والتقنيين الآخرين، بل هو التدفق الصوري السريع الذي لا يعطي المشاهد حتى فرصة استرجاع أنفاسه أحياناً، وبالتالي ينشغل ذهنه باللاحق من هذا السيل الصوري الهائل، الأمر الذي شكل البصمة الدائمة للسينما الأميركية والتي تميزها عن بقية سينمات العالم، فالمشاهد قد تعود أيضاً على نمط السينما الفرنسية أو الانجليزية أو الألمانية أو الروسية وغيرها، فلكل من هذه السينمات بصمتها الخاصة بها، التي ربما تأتي بسبب طبيعة المكان والتقاليد والثقافة الخاصة بكل بلد منها، وطبيعة اختلاف السينما الأميركية تأتي من كونها لا تخضع لهذا الافتراض، لأنها شكلت بصمتها المشار إليها عبر لقطة رد الفعل التي تشتغل عليها بغزارة واضحة في جميع أفلامها، وتوفر مثل هذه اللقطة الشد المطلوب وجلب انتباه المشاهد لها، وربما لا تستعمل بقية السينمات العالمية هذه اللقطة بالكثافة نفسها بسبب الكلفة الإنتاجية العالية التي يفرضها هذا التوظيف، وبما أن اللقطة تقابل الكلمة في اللغة والمشهد هو جملة كما يقول المنظرون السينمائيون، فان هذه اللقطات الكلمات ربما تغني الكثير من المشاهد التي تكون هي أي اللقطة، لقطة رد الفعل من ضمنها، ويعمد المخرجون إلى استعمالها لإغناء المشهد بما يلزم من التدفق الصوري المحفز، معتمدين على المونتاج في توظيفها ضمن بنية المشهد الواحد، والمشاهد للأفلام الفرنسية أو الانجليزية يلاحظ افتقادها إلى هذه اللقطات، وبالتالي لا تتمتع بمثل ما تتمتع به السينما الأميركية من حركة واضحة، لذلك لم تستطع هذه السينمات من مواكبة التطور الهائل الذي قطعته في أميركا. ويسجل العديد من المشاهدين البطء الواضح على السينما الفرنسية أو غيرها بسبب هذا الافتقاد، وربما هناك من يسأل ما هي لقطة لرد الفعل، إنها اللقطة التي تعبر عن الانفعال الظاهري المرتسم على وجه الممثلين حيال الفعل الذي يحدث أمامهم من قبل الممثلين الآخرين، سواء كان ذلك من خلال الحوار أو المؤثر الصوتي للدلالة على شيء ما، ويظهر المخرجون أكثر من أثر لرد الفعل هذا، ليس فقط عبر انعكاس ذلك على وجوه الممثلين وأيديهم، بل من الممكن أن يكون ذلك الانعكاس على أي كائن حي يكون ضمن الكادر، وأحياناً يظهر أكثر من رد فعل لأكثر من شخصية في تناوب صوري سريع. ويستطيع أي متابع أن يحسب عدد لقطات رد الفعل لأي فيلم سينمائي أميركي ويقارنها باللقطات نفسها لأفلام أخرى غير أميركية حتى يعرف السر في تفوق هذه السينما على غيرها من سينمات الدول الأخرى.