غينادي بتروف*
« تناقش قمة الناتو في لندن سبل إصلاح الحلف في اجتماع يستمر يومين، ومن المزمع أن يتطرق الحديث لعدد من القضايا المثيرة للجدل التي واجهها الحلف مؤخرا، بما في ذلك العلاقة مع تركيا، وتوسع الناتو في البلقان، وتعزيز القدرات الدفاعية في أوروبا.
وتوافق هذه القمة الذكرى السبعين لتأسيس الحلف، في وقت لا يبدو التحالف في أفضل حالاته، حيث لا تمتثل الدول الأعضاء بالتزاماتها السابقة بشأن ضخ ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على النفقات الدفاعية.
كذلك تدهورت العلاقات بين الدول الرائدة للحلف مع تركيا على نحو خطير، في الوقت الذي تمتلك فيه الأخيرة ثاني أقوى جيش في الناتو بعد الولايات المتحدة الأمريكية. بينما يتأثر الدور التركي في الناتو بعدد من العوامل من بينها موقف أنقرة من تطور الوضع في سوريا، وما إذا كانت هناك أزمة هجرة جديدة سوف تتدفق إلى أوروبا، حيث يمر اللاجئون من الشرق الأوسط عبر الأراضي التركية، ويأتي ذلك بالتزامن مع إصرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على متابعة مساره الخاص، الذي أحيانا ما يتعارض مع ما هو مقبول في تصورات السياسة الخارجية لحلف الناتو.
وأكدت أنقرة على موقفها عشية قمة لندن باختبارها أنظمة الدفاع الصاروخية الروسية «إس-400» التي اشترتها تركيا مؤخرا من روسيا، حيث اختبرت تلك الأنظمة كذلك على طائرات «إف-16»، التي تمتلكها دولة أخرى في حلف الناتو هي اليونان. أثارت تلك الخطوة غضب أثينا، حيث أعلنت جريدة «هيلاس جورنال» Hellas journal أن الوفد اليوناني في القمة «لن يصمت، حيث تشكل أنظمة الدفاع الجوي الروسية في تركيا تهديدا رئيسيا لليونان وقبرص، ولا يتعين أن تتسامح أثينا مع الاحتيال من جانب الشركاء في حلف الناتو».
بالإضافة إلى قضية «إس-400» سوف يتطرق النقاش في القمة إلى رفض تركيا دعم خطة الناتو لحماية دول البلطيق وبولندا، ولا تخفي أنقرة أن الرفض التركي يعود لرفض حلفائها تصنيف وحدات حماية الشعب الكردية، التي قادت تركيا مؤخرا عملية عسكرية ضدها، جماعة إرهابية، حيث يعتبر أردوغان هذه الوحدات جناحا لحزب العمال الكردستاني الذي تضعه السلطات التركية على قمة التهديدات التي تواجهها.
من ناحية أخرى، يقول مسؤولو البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لن يعقد لقاء ثنائيا مع نظيره التركي في قمة لندن، ما يعني أن واشنطن لا ترى في الخلافات بين أنقرة وحلف الناتو أمرا جديا.
وسوف تعقد القمة في لندن تحت شعار المواجهة بين ألمانيا وفرنسا، على حد تعبير بعض الخبراء. فالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يدفع باتجاه إصلاح الناتو، ويرى أن الناتو بشكله الحالي غير قادر على مواجهة تحديات الأمن للدول الأعضاء. وفي مقابلة مع «الإيكونوميست» مطلع نوفمبر الماضي، تحدث ماكرون عن «إعادة تقييم وظائف الناتو بسبب عدم اليقين بشأن الإجراءات الأمريكية» وصرح آنذاك في الحوار بما أسماه «الموت الدماغي للناتو». وعلى الجانب الآخر ترى ألمانيا تعزيز حلف الناتو في شكله الحالي، كما صرحت وزيرة الدفاع الألمانية، أنغريت كرامب كارينباور، التي عارضت «استبدال الناتو بحلف تعاون أوروبي»، ورأت في المقابل أن «أي تعزيز للدفاع الأوروبي يعزز أيضا الشق الأوروبي من الناتو».
ويرى الأستاذ المساعد في معهد موسكو للعلاقات الدولية، ألكسندر تيفدوي-بورمولي، أن أي خطط لتعزيز الناتو في أوروبا تعتمد بالأساس على الجانب المالي، وبسبب الإحجام عن زيادة عجز الموازنة المحلية، لا يرغب الأوروبيون في إنفاق أموال إضافية على الدفاع. وتابع تيفدوي-بورمولي: «أتوقع أن تتضمن الوثيقة الختامية للقمة ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية والتعاون بين أعضاء الناتو، لكن لن يكون هناك على الأرجح أي قرارات ملموسة بهذا الصدد».
وقد وقع ترامب في الفترة التي سبقت انعقاد القمة تصديقه على انضمام مقدونيا الشمالية إلى حلف الناتو، وبهذا تكون دولة البلقان قد اجتازت المرحلة الأكثر أهمية على طريق الانضمام للحلف: الأولى هي تسوية النزاع مع اليونان، التي رفضت بعناد سحب حق النقض «الفيتو» بشأن المفاوضات حول انضمام دولة مجاورة للناتو قبل أن تغيّر اسمها من مقدونيا إلى مقدونيا الشمالية، ولم تتم تسوية النزاع دون تدخل من الولايات المتحدة الأمريكية، لتغير مقدونيا اسمها في فبراير 2019، وسط احتجاجات من الشعب المقدوني بسبب تغيير اسم دولته.
وعليه فمن المتوقع أن يبدأ الناتو قريبا مرحلة جديدة من التوسع، هذه المرة على حساب دول البلقان. كما تطمح البوسنة والهرسك، وكذلك جمهورية كوسوفو المعترف بها جزئيا، إلى الانضمام للحلف. وبالنسبة لساراييفو وبريشتينا، فإن مسألة الانضمام تعتمد على موقف صربيا المعارضة للاعتراف باستقلال كوسوفو، وضد الانضمام للحلف الذي ساهم في تدمير يوغوسلافيا عام 1999، ويعارض الصرب البوسنيون أي محادثات للانضمام للناتو.
تلك هي الموضوعات التي سوف تتطرق إليها قمة لندن لحلف الناتو».
- كاتب روسي
عن نيزافيسيمايا غازيتا