لم تكد تمضي سوى بضعة اشهر على محاولة الزعيم الكردي مسعود البرزاني فصل كردستان عن العراق تحت لافتة حق الشعب الكردي بتقرير مصيره وتشكيل دولته المستقلة، حتى عاد هذا الحزب للمطالبة برئاسة الدولة العراقية. ففي الاجتماع الأخير للمجلس القيادي للحزب ناقش المجتمعون برئاسة مسعود برزاني هذا الأمر، وكان هناك توافق شامل داخل الاجتماع كما نقله المتحدث الرسمي بإسم الحزب محمود أحمد « أن الحزب الديمقراطي الكردستاني من حقه أن يطالب بمنصب رئيس الجمهورية في العراق «. مضيفا « أن بقاء هذا المنصب تحت يد حزب معين لا يعني أنه أصبح ملكا له للأبد» ناسيا أو متناسيا أن رئيسه مسعود البرزاني إستأثر بمنصب رئيس الإقليم لأكثر من ثلاث دورات وعطل أعمال الحكومة وأطاح ببرلمان كردستان لمجرد أن رئيس البرلمان أراد أن يناقش مسألة ولاياته غير القانونية . كما نسي بأنه قبل عدة أشهر فقط كانوا مصممين على تطليق العراق وعدم العودة إليه بوصفه دولة طائفية . هكذا وصفوا العراق الذي يريدون اليوم رئاسته.
مشكلة هذا الحزب أنه يمارس السياسة وفقا لمصالحه الذاتية فقط ، ولذلك فهو لايقيم وزنا لتحالفاته أو إتفاقاته السياسية مع أي طرف كان، فكل ما يعود بالنفع عليه لايتردد من تحقيقه حتى لوكان ذلك على حساب حقوق الآخرين، كما أنه لا يتردد حتى من خيانة حلفائه عندما تتطلب مصلحته ذلك، ولذلك من الطبيعي أن يتنكر هذا الحزب وبخاصة السيد مسعود برزاني من التزامات قطعها على نفسه في السنوات السابقة بإبقاء منصب رئيس الجمهورية ضمن حصة الاتحاد الوطني الكردستاني إذا ما ذهبت هذه الحصة الى المكون الكردي، وذلك مقابل إحتفاظ مسعود البرزاني بمنصب رئيس إقليم كردستان، واليوم بما أن منصب رئيس الإقليم لم يعد موجودا بسبب المغامرة الطائشة لاستفتاء إستقلال كردستان، فإن برزاني وضع عينه على هذا المنصب متنكرا التزاماته السابقة التي نصت عليها الإتفاقية الإستراتيجية التي وقعها مع الراحل جلال الطالباني عام 2007 .
ان الموقف الجديد لحزب بارزاني من رئاسة الدولة هو محاولة واضحة منه لتقليل دور الاتحاد الوطني السياسي على صعيد العراق، وجعل نفسه هو المرجع والقائد الأعلى للشعب الكردي، وهذا الموقف موجه بالتحديد ضد المرشحين الجدد الذين تقدموا مؤخرا بأوراق ترشحهم لمنصب رئاسة الجمهورية وهم كل من الدكتور عبداللطيف جمال رشيد وزير الري السابق والقيادي المقرب من الرئيس الراحل جلال طالباني، والدكتور محمد صابر السفير العراقي الأسبق لدى الصين، وهؤلاء ليسوا مقبولين لدى قيادة حزب البرزاني لأسباب معروفة تتعلق بمواقفهم الصلبة من الاستفتاء وتعنت البارزاني في المطالبة بفصل كردستان عن العراق، وكذلك مواقفهم لمحاربة الفساد المستشري في كردستان في ظل حكم العائلة البارزانية. وحتى لو بقي المنصب ضمن حصة الاتحاد الوطني فان البارزاني يعمل على دعم التجديد للرئيس الحالي الذي لم يقدم شيئا للعراق طيلة ولايته، حتى بات محل سخرية العراقيين بشبكة التواصل الاجتماعي ، وطبعا الموضوع له علاقة أيضا برفض دعم المرشحين الجدد لشغل هذا المنصب.
ولكن في النهاية سيكون مجلس النواب المقبل هو الحكم، وهو الذي سيقرر من ينصره ليكون «حارس وحدة العراق وراعي دستوره»، أم سيجعلون على رأس الدولة « مرشحا إنفصاليا»؟
جوهر علي
رئاسة الدولة من أربيل الى بغداد
التعليقات مغلقة