د. مالك الواسطي
في دَمْعِنَا نَجْوَى
لَقَدْ عَاقَنِي
حَظِّي الَّذِي كَانَ عَاثِرًا ِدَهْرٍ
بِهِ صَارَ الفِرَاقُ لَنَا مَأْوَى
…
تُنَاصِرُنَا
فِيْهِ الصَّبَابَةُ وَالجَوَى
عَلى وَطْئِهَا الآهَاتُ
كَانَتْ لَنَا سَلْوَى
…
فَمِنَّا يَرَى في الدَّمْعِ
نَجْوَةَ عَاشِقٍ وَمِنَّا غَدَا
كَالظِّلِ في جُرْحِهِ يَقْوَى
..
فَتِلْكَ بِلَادُ الخَلْقِ أَضْحَتْ مَرَاكِبًا
تَغُوْرُ بِبَحْرٍ طَافَ في مُوْجِهِ مَثْوَى
…
فَيَا دَهْرُ مَا أَشْقَاكَ تَبْقَى تَغِيْضُنَا
وَتَعْرِفُ أَنَّ العِشْقَ في دَمْعِنَا نَجْوَى
***
بُعْدُ الدِّيَارِ جَرائِرُ
تَصَبَّرْ بِنَا يَا دَارُ إِنِّي لَرَاجِعٌ
اِلَيْكَ وَإِنْ عَاثَتْ بِقَلْبِي المَقَابِرُ
…
فَأَنْتَ لِعَيْنِي مَاءُهَا وَسَمَاءُهَا
وَأَنْتَ دُمُوْعُ العَيْنِ فِيْهَا أُصَابِرُ
…
فَكَمْ مِنْ خَلِيْلٍ
دَارَ حُوْلِي مُعَاتِبًا لِبُعْدٍ
وَفي بُعْدِ الدِّيَارِ جَرائِرُ
…
عَفَافُكَ
في قَلْبِي نَسِيْمُ صَبَابَةٍ
أَشِمُّ بِهَا رُوْحِي وَفِيْهَا أُفَاخِرُ
…
فَمَالِي عَلى الدُّنِّيَا
إِذَا حَلَّ هَجْرُهَا
فَإِنِّي لِدَارِي في السَّمَاءِ مُعَاشِرُ
***
وأَسْرَتْ بِهَا رِيْحٌ سَرَى رَحْلُهُمْ
نَحْوَ الشِّمَالِ وَهَاجَنِي
بُكَاءٌ جَرَى لَوْ تَعْلَمُوْنَ ثَقِيْلُ
…
يَشِدُّ بِأَنْفَاسِي وَيَخْنُقُ بَهْجَتِي
وَيُمْلِيْ عَلَيَّ اللَّيْلُ وَهْوَ عَلِيْلُ
…
فَلَمْ يَبْقَ فِيْنَا وَالدِّيَارُ وَقَدْ خَلَتْ
سِوَى دَمْعِنَا
ثَوْبًا عَلَيْنَا يَهِيْلُ
…
فَدَارِي الَّتِي ذَلَّتْ تَغَيَّبَ أَهْلُهَا
وَأَسْرَتْ بِهَا
رِيْحُ الغَرِيْبِ تَغِيْلُ
…
فَجُدْرَانُهَا
أَمْسَى رَمَادًا لِبَاسُهَا
وَأَضْحَتْ بِهَا تِلْكَ الجِرَاحُ تُطِيْلُ