سلام مكي
كاتب عراقي
الفساد الإداري والمالي، وصل مراحل متقدمة، وانتشر في جسد الدولة الإداري والسياسي، بشكل لم تعد العلاجات الحالية تنفع معه، وهو ما يقوله الواقع، حيث ان الأجهزة الرقابية والقوانين ذات الصلة، ما عادت تجدي نفعا في ظل تنامي ظاهرة الفساد، وتحوله الى ثقافة، لدرجة ان الفساد أصبح من البديهيات في بعض الدوائر والوزارات. العلاج المقدم من قبل الدولة، يتمثل باستحداث أجهزة لمكافحة ذلك المرض، واسنادها بقوانين جديدة، مع الاحتفاظ بالقوانين التي تخص الجوانب الإجرائية والعقوبات التي تخص المدانين بجرائم الفساد. الفساد يتطور وينمو، وعلاجه باق على حاله، أحد اهم اركان ذلك العلاج وهو قانون العقوبات، شرع قبل عقد من الزمن، ولا نية للمشرع بتعديله ليلائم الوضع الجديد، وحتى القوانين التي شرعت بعد التغيير، فهي بحاجة الى تعديل أكثر من حاجة قانون العقوبات. المطلوب من الحكومة العراقية والبرلمان، وفي مثل هذه الظروف، تشديد الإجراءات القانونية بحق الفاسدين، وفرض إجراءات اشبه بالطوارئ، ذلك ان اتباع أساليب الوضع الطبيعي، يساهم بزيادة الفساد واتساع حجمه. على اعتبار ان الفاسد مطمئن من عدم معاقبته. لكن ما حدث ويحدث هو العكس تماما، حيث ان الحكومة والبرلمان، وفي ظل تنامي خطر الفساد وتهديده النظام السياسي ككل، شرعوا قانون العفو العام، ليشمل جرائم الفساد المالي والإداري، ولقد ساهم هذا القانون، بخروج الكثير من الفاسدين ومعاودتهم الفساد مجددا. قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 تضمن 16 مادة قانونية. وان المادة 4 منه استثنت بعض الجرائم من الشمول بالقانون ومنها جريمة الاختلاس وسرقة أموال الدولة وإهدار المال العام عمدا، ما لم يسدد ما بذمته من أموال قبل إطلاق سراحه. فالقانون، لم يشمل مرتكبي جرائم: الاختلاس، واهدار المال العام، بشرط ان يكون فعل الإهدار عمدا، والا فمن يهدر المال العام بصورة غير عمدية مشمول بالعفو، وسرقة أموال الدولة. وهنا نأتي: هل ان المشرع أغفل ذكر جرائم أخرى تخص المال العام؟ ان قانون هيأة النزاهة عرف قضية الفساد على انها الدعوى التي يجري التحقيق فيها بشأن جريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة وهي الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم، وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 233،234،271،272،275،276،290،293،296 من قانون العقوبات المعدل وأي جريمة أخرى يتوفر فيها أحد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5و6و7من المادة135 من قانون العقوبات.. فهذا يعني ان جرائم الرشوة وتجاوز الموظف حدود وظيفته والتوسط والتزوير والجرائم المنصوص عليها في المواد أعلاه، تكون مشمولة بالعفو، بإمكان الموظف المدان بارتكاب إحدى تلك الجرائم ان يقدم طلبا لشموله بالعفو، خصوصا إذا لم تكن هنالك أموال بذمته للدولة. وبهذا يكون المشرع، قد اعتبر ان جريمة الرشوة والتزوير وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم وغيرها الكثير من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة، أمورا مباحة ومرتكبها مشمول بقانون العفو.
تعديل القانون:
رغم التسهيلات الكثيرة التي منحها المشرع، للمتهمين بالفساد وغيرهم، وجد ان هنالك بعض الثغرات التي لا تتسع لمرور متهمين بأحجام كبيرة، لذلك قرر المشرع تعديل القانون، ليصحح خطأه في عدم شمول فئات أوسع من الفئات الأول، فقرر تعديل القانون. وفيما يتعلق بقضايا الفساد، فقد جعل المشرع العبرة بشمول المدان بالقانون، هو مدى تضرر الدولة من فعله، فإذا لم تكن متضررة، ولم يكن هنالك هدر في المال. وقد نصت المادة الأولى من التعديل: يشترط لتنفيذ أحكام المادتين (1و2) من قانون العفو:
ثانيا: لا يشترط تنازل الممثل القانوني عن الحق العام اذا ثبت ما يلي:
تسديد ما ترتب بذمة المشمولين بأحكام قانون العفو العام من اموال ترتبت بذمتهم في الجرائم الواردة في الباب الخامس من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل المخلة بالثقة العامة الواردة في المواد (274، 276، 277، 279، 286، 287، 288، 290، 291، 292، 293، 294 ، 295، 296، 297، 298، 299) والجرائم الواردة في الباب السادس من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة . حيث ان التعديل لم يشترط تنازل الممثل القانوني في حالة عدم وجود متعلقات مالية بذمة المدان. وأبقى التعديل الجديد على شمول جريمة الرشوة، حيث ان الجرائم المتعلقة بالوظيفة وحسب النص بدأت من المادة315 وهي جريمة الاختلاس وتم تجاوز جريمة الرشوة. ولكنه بالمقابل، شمل جريمة التزوير التي لم يشملها القانون السابق.
قانون العفو العام ومدى تأثيره على مكافحة الفساد
التعليقات مغلقة