ماذا يخبئ لنا المجهول؟

العراق بتاريخه العريق، وثروته الهائلة من الكفاءات، يستحق أفضل الأنظمة وأكثرها رقياً.
لكن المسافة بين الحقيقة الثابتة والواقع المتحول تبدو من العمق والشساعة بحيث يصعب القفز عليها بالتمنيات.
لقد تفاءلنا بعراق جديد وقد تخلص من الدكتاتورية، فإذا بالحكام الجدد ينشغلون بمصالحهم الخاصة، ويغرقون في مستنقع الفساد واللصوصية.
ويبدو أن قراءة المستقبل ليست بتلك السهولة التي تصورناها، فثمة فرق كبير بين النبوءة التي لا بد من خضوعها لاختبار الزمن، وبين المهارة في الإمساك بخيوط السياسة المتقلبة ومحاور الاستراتيجيات المرسومة في دوائر سرية مغلقة.
العراقيون رواد الحضارة الإنسانية بل هم مؤسسو الحضارة العقلية والعلمية بما أنتجوه وحققوه وخاضوه من تجارب إبداعية، لذلك سعى الأعداء القريبون منهم والبعيدون على تدميره وطناً وإنساناً، لكن يجب أن لا تهمش هذه القناعة فكرة واضحة مفادها أن الإبداع العراقي موجود دائماً لكنه محجوز في نفس الوقت، ودليلي على ذلك أن الكثير من الطاقات العراقية لم تتح لها الفرصة للتعبير عن نفسها، فأن تحصل على ثروة أمر مختلف عن كيفية استثمارها والتمكن من تنميتها والمحافظة عليهـا، وهذه هي المشكلة التي ضاعفت من حجمها الأنظمة التي تعاقبت على الحكم.
تحضرني هنا حكاية الجاسوس في يوغسلافيا السابقة على عهد رئيسها جوزيف تيتو، فعندما أُلقي القبض على ذلك الجاسوس الذي كان مسؤولاً كبيراً سأله المحققون: ما هي نوعية الخدمات التي كنت تقدمها لأمريكا؟ أجاب: كنت أضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب.
وانها لكارثة حقيقية أن يستمر هذا التخريب كل هذا الوقت، وأن تنحرف الكثير من الأهداف عن مساراتها لغايات ومقاصد أخرى، وأن يظل العراقي يتحمل النتائج الكارثية دون أن تلوح بارقة أمل، فيما يواصل العالم سيره الاعتيادي حتى في مجاهل أفريقيا.
ولا أدري ماذا يخبئ لنا المجهول..
وهل سنبقى نضع أيدينا على قلوبنا الى الأبد؟
لقد طالت محنة العراقيين، ويبدو أننا لم نكن وحدنا الجيل الضحية فحتى أبناؤنا يعانون المعاناة ذاتها، وربما أحفادنا أيضا‍‍ً. فأية لعنة هذه التي تطاردنا دون هوادة؟
أخشى ما أخشى أن يكون حديث التفاؤل بالعراق الذي نريد ونتمنى، وبعد هذه الأعوام الأربعة عشر من الأزمات والعيوب والأخطاء الفادحة، أشبه بالحمل الكاذب.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة