كه يلان محمد
كاتب عراقي
مايدعو إلى طرح هذا السؤال والبحث عن مكامن الخلل في كل مُحاولةٍ تهدفُ إلى الخروج بالإقليم من أوضاع متدهورة سواء كان على المستوى السياسي أم الإقتصادي أو الإدراي، التطورات التي شهدتها مؤخراً مدينة السليمانية وبلدات تابعة لها, عندما تَجَمَع المواطنون في تظاهرات حاشدة مُنددين بسلطة حرمتهم من كل حقوق حياتية، لكن حصيلة هذه المحاولات كانت مزيداً من التشدد الأمني وتضيق الخناق على الآراء الحُرة ،وإراقة دماء المواطنين دون أن يكون هناك من يطالبُ بِمُحاكمة من سماهم المحتجون الغاضبون بالمُجرمين، وإجراء تعديلات في النظام الإداري المُثخن بالفساد،والأغربُ في الأمرِ أنّ صناديق الإقتراع أيضاً وهي طريقة مدنية للتداول السلمي للسلطة وقطع الطريق أمام المقصرين بحق الشعب للوصول إلى سدة الحكم، غير مجدية،إذ سرعان ماتتصدر الوجوه نفسُها المشهد السياسي،ويقع مصيرُ الشعب من جديد بيد الفاسدين حيث يتقاسمُ الحزبان الرئيسيان الحصص بينهما في الإقليم ،مع تفويض الأموال العامة لتعزيز مواقعهما الأمنية ، ناهيك عن صرف مبالغ طائلة لأجهزتهما الإعلامية التي تخدم مصالح حزبية ضيقة، هنا لامحيص من أن نعطف على السؤال الأول بسؤال آخر من أين تستمدُ سلطةُ فشلت سياسياً وإقتصاديا ومؤسساتياً عناصر إستمراريتها؟ وتعلن عجزها عن تسديد مستحقات مالية لموظفيها عِلْماً أن موارد النفط المصدر من الإقليم خلال السنوات الثلاث السابقة تكفي لتوفير رواتب المُوظفين كما أشار إلى ذلك رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي،إذاً فقدت السلطة الدعائم التي توفر لها الشرعية،غير أن هذه الحالة لماذا لاتنعكسُ فعلياً في صورة التحول الجذري؟ ثمة من يعزو إستدامة هذا النمط من الحكم الأُوتوقراطي في الجلد الديموقراطي إلى المساندة الخارجية، فبالتالي لا أُفق للتحول! غير أنَّ هذا التفسير لايخلو من النزعة الإستسلامية المَخذولة لأن هناك شواهد من التاريخ القديم والحديث توضحُ أن الحكام والسلاطين الذين يخسرون ثقة شعبهم يتخلى عنهم أصدقاءُ الأمس على المستوى الخارجي،فالمعادلة غدت أكثر تعقيداً من ذلك التحليل المُسطح،لَعَّلَ مايجبُ أن نبدأَ به لفهم هذه المُعادلة المركبة، هو مبدأ ثنائية الحزبين بموجبه يتم توزيع ثروات البلد بين الحزبين الحاكمين،يُذكر أنَّ مايجمع بين هذين الكيانين ليس رؤيةً قوميةً مشتركةً ولا أجندة سياسية قائمة على تحسين حياة المواطن وتنمية المرافق التعلمية والصحية والصناعية بل مجرد حفظ توازن المصالح الإقتصادية،وإستعباد أفراد الشعب،ولايحيد أي طرف منهما عن هذا الخط وإنْ تدور أحياناً حرب كلامية بين قيادة الحزبين ويقول بعضهم للبعض مالم يقلهُ مالك في الخمرة، جانب آخر من المُعادلة هو المُعارضة الهشة المسحوبة الدسم التي لم تفلح في تحويل الدعم الجماهيري إلى إرادة فعلية لإعادة رسم خريطة التنظيم الإدراي للإقليم وسلخها من الطابع الحزبي،كما أن تراوح الأحزاب المُعارضة بين السلطة والشارع أعطى فرصة ثمينةً لأرباب الحكم ليخرجوا من عنق الزجاجة،وتمثل غضب الجماهير حيال الموقف الضبابي للأحزاب المُعارضة بعدما تذوق ممثلوها من كعكة السلطة بحرق مباني مقراتها في الإحتجاجات الأخيرة،عطفاً على ماسلف فإنَّ محاولة بعض الشخصيات التى كانت مشاركة في نظام الحكم وتولت مناصب رفيعة للظهور بحلة جديدة بوصفها صاحبَ مشروع لحلحة المُشكلات المتراكمة ومُعالجة الجفاف السياسي والإقتصادي بعقلية مُختلفة هذا الطرح أيضاً يمدُ الحكام بمزيد من الزخم،ينضمُ المثقفون الذين إقتنعوا بدور المحلق سواء للسلطة أو الأحزاب المُعارضة ولم يحفظوا بمسافة بينهم وبين الكيانات السياسية وقفوا مع هذا نكاية بذاك إلى جملة العوامل التي تؤجل التحول،الآن وقد تناولنا بعضَ الأسباب التي تُحبط أي حراك جماهيري وشعبي لتغيير الأنظمة الإدارية في الإقليم نؤكد على أنَّ العملية الإنتخابية أصبحت مهزلةً إذ نشر موقع خندان الإلكتروني معلومات تُفيدُ بوجود تسع مئة ألف إسم مزيف في سجل الناخبين وهذا العدد يعادلُ أربعين كرسيا برلمانياً وأنَّ هذه الأسماء حسب المصدر المذكور للموتي والنازحين، مايعني أن إجراء الإنتخابات دون تنظيف سجل الناخبين لايمكن التعويل عليه لفتح صفحة سياسية حديثة في الإقليم بل سنكون أمام سلطة سياسية مشرعنة بأصوات مزورة.ومن المناسب هنا أن نختم المقال بصيغة السؤال كيف يمكن أن تصبح الإنتخابات آلية للتحول الشامل؟
هل التغيير في إقليم كردستان بات مُستحيلاً؟
التعليقات مغلقة