متابعة ـ الصباح الجديد:
أعلن الناشط المدني في الدفاع عن حقوق الاقليات دلوفان حسون ان الانتهاكات التي يرتكبها تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي بحق ابناء محافظة نينوى تعد تجاوزا على التقاليد الدينية والاعراف السماوية واستهدافا لحرمة الانسان بكل المقاييس.
وأضاف حسون في تصريح صحفي ان «التنظيم الارهابي عمد ومنذ توليه ادارة شؤون العامة الى اتباع تشريعات واساليب يصعب تصديقها وفرض فتاوى باسم الشريعة الإسلامية والغريب في الامر انه يصر على تصديقها وتطبيقها تحت تهديد السلاح والترهيب واحيانا يذهب الى اعتماد الوحشية في القصاص ممن يخرج عن طوعه او يخالفه الراي».
ويأتي سلوك داعش هذا ضمن سلسلة الممارسات والفتاوى الغريبة التي يطلقها دون تحسب لنتائجها التي تركت اثرها الواضح والمقلق على الوضع الانساني الذي بات يدفع بابناءه نحو الظلام والخوف من القادم الاسوء.
وفي هذا الاطار افتى داعش بعد استيلاءه على مدينة الموصل في العاشر من حزيران الماضي بقتل وتهجير ابناء الاقليات الدينية والمذهبية تلاها اصدار بيان حمل توقيع الدولة الإسلامية داعش يجبر بموجبه المسيحيين على اعتناق الاسلام او دفع الجزية او القتل ومع تناقض رؤية داعش للاجتهاد الفقهي صدرت فتوى اخرى اكثر سفاهة من سابقتها تقضي بتهجير المسيحيين ومصادرة ممتلكاتهم دون اعتبار لتاريخهم وانتمائهم للارض التي اسسوا عليها اول حضارة في التاريخ مع اقرانهم من ابناء الاقليات الاخرين والذين يعانون ايضا من نفس المصير .
ومع بيان اعلان دولة الخلافة التي ينقصها الكثير من العقلانية اطلق داعش خلال شهر رمضان الذي حرم الله فيه القتال حملة ظلامية اخرى تمثلت بنسف وتهديم مراقد الانبياء والمساجد والكنائس ليظهر بذلك استخفافه بمشاعر الناس ومقدساتهم ورموزهم الدينية دون الالتفات الى القيمة الحضارية والتاريخية التي تجسدها تلك المراقد ودور العبادة، وامام ذلك كان غياب الرادع المنظم لممارسات داعش وغطرسته قد عزز من مظاهر التطرف في الحياة اليومية وساهم في زيادة القيود على الحريات وتجريد العامة من حق التعبير يضاف الى ذلك تفاقم الازمات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية بسبب افتقار تنظيم داعش للمهنية في ادارة الشؤون المدنية.
وفي ظل هذا المشهد يعيش ايضا ابناء الاقليات في مناطق التماس التي يسيطر عليها داعش حالة من القلق اليومي خصوصا وان نوايا داعش ازاء الاقليات باتت مكشوفة.
كما وتحدث الناشط المدني في الدفاع عن حقوق الاقليات دلوفان حسون عن رؤيته حول اهم النقاط المتعلقة بواقع الاقليات واوضاع النازحين بعد احداث العاشر من حزيران الماضي.
وقال «بعد الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام «داعش» بحق ابناء محافظة نينوى والاقليات خاصة اخذت علامات التذمر تطفو على وجه المجتمع كما بدات غالبية شرائح المجتمع الموصلي تضيق ذرعا بتصرفات تنظيم داعش وسلوكياته المناقضة لمظاهر الحياة الطبيعية فضلا عن تسبب هذا التنظيم بالحاق الضرر بالخدمات وبالاقتصاد».
واضاف «لقد واجه ابناء الاقليات ومنذ سيطرة داعش على محافظة نينوى في العاشر من حزيران الماضي ابشع الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية التي يمكن تصنيفها ضمن حملات الابادة الجماعية، من حيث ان توجهات داعش تهدف الى افراغ مدينة الموصل من وجود الاقليات الدينية والمذهبية بل وملاحقتها وتصفيتها في مناطق سهل نينوى وغرب دجلة».
واشار الى ان «انسحاب الجيش عشية هجوم داعش على مدينة الموصل واستيلائه عليها بالكامل قلب موازين القوى وولد شعورا بالاحباط والخوف لدى ابناء نينوى كافة وكان نتيجة ذلك نزوح زهاء نصف مليون مواطن في غضون ليلة وضحاها باتجاه اقليم كوردستان، في حين توزع الكثير من النازحين على مناطق سهل نينوى ..وضمن واجباتنا كناشطين في مجال حقوق الاقليات طالبنا المنظمات الدولية والمحلية بتقديم مساعدات اغاثية عاجلة خصوصا وان النزوح الجماعي اعقبه نقص حاد في المياه والكهرباء والمستلزمات الطبية نتيجة تعطل معظم الدوائر الخدمية اثر احتلال مدينة الموصل من قبل تنظيم داعش «.
وتابع «لقد عملنا في رابطة التاخي والتضامن الايزيدية وبالتنسيق مع منظمتي (الامل وايتانا) على تقديم مساعدات اغاثية عاجلة للنازحين الى سهل نينوى للتخفيف من معاناتهم كما بحثنا مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية الاخرى واقع الأقليات والمخاطر التي تتهددها وامكانية تقديم المساعدات اللازمة للنازحين ومازلنا نسعى الى عقد شراكة مع منظمات دولية ومحلية من اجل تقديم مساعدات ومعونات طويلة الامد للنازحين تمتد لستة اشهر على الاقل وقد اعربت منظمة (باو) النجدة الشعبية وكذلك منظمة NPA النرويجية عن استعدادهما للتنسيق الكامل معنا من اجل تحقيق هذا الهدف الانساني».
ولفت الى انه «خلال لقائنا مع مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في العراق استعرضنا واقع حقوق الاقليات والانتهاكات المستمرة التي يتعرضون لها في مناطق مختلفة من محافظة نينوى . وعملنا في هذا الصدد على رصد وتوثيق الانتهاكات التي حصلت بحق الاقليات على يد داعش …اما بخصوص الاقلية الايزيدية فقد سجلنا خلال الفترة منذ العاشر من حزيران الماضي ولغاية اليوم اختطاف ( 37 ) ايزيديا من قبل داعش والميلشيات ولم يطلق سراحهم الا بعد مساومة ذويهم لدفع الفدية التي كلفتهم اموالا طائلة تتراوح بين 40 الف الى 60 الف دولار لكل مختطف يطلق سراحه سواء كان في بغداد او نينوى .
ومن جانب اخر شهد الايزيديون خلال الفترة المنصرمة واقعا امنيا مترديا انعكس على حياتهم اليومية حيث ترك مئات الطلبة الايزيديين مقاعدهم الدراسية في جامعة الموصل بعد استيلاء داعش على المدينة كما ترك الموظفون وظائفهم في دوائر الدولة للسبب ذاته وتدهور حال الكسبة والتجار فيما لحق الفقر والعجز بفئات واسعة من المجتمع الايزيدي بسبب توقف صرف الرواتب التي قابلها ارتفاع حاد في اسعار المواد الغذائية كل هذه الازمات مجتمعة دفعت الالاف من الايزيديين الى ترك مناطقهم كما عززت الرغبة لدى غالبيتهم بالهجرة الى خارج البلاد«. وذكر «وفي ظل هذه المعطيات المقلقة وجد الايزيديون انفسهم امام مصير مجهول ومن البديهي أن تثار جملة من التساؤلات حول مستقبل وجودهم والبحث عن التدابير العاجلة لحماية هويتهم المهددة والأخذ بنظر الأعتبار مخاطر المرحلة الحاسمة التي يمرون بها، حيث تؤكد الاحداث ان الايزيديين من سكان مناطق غرب دجلة ومناطق سهل نينوى اصبحوا هدفا مفتوحا امام عمليات القتل والخطف اليومية التي ينفذها داعش وهو ما يتطلب المراجعة الشاملة لتداعيات الواقع الامني الجديد والاسراع في تدعيم امن واستقرار مناطق الايزيدية خصوصا بعد زحف مسلحو داعش نحو شنكال ومحاصرتها ما ادى الى نزوح الالاف من المواطنين الى المناطق الجبلية».