رغد السهيل في «كللوش»
عبد الغفار العطوي
المراد ب( الواقعية النسوية ) هي الوعي ان وضع الفرد ووضع المرأة بشكل عام إنما هو قضية سياسية (2) و لما كانت المرأة واقعة تحت نير الرجل في اللغة التي يحتكرها لنفسه ، و ممارساته الوحشية او الفولوقراطية في عالم ذي نظام شبه أمومي كما في ( كللوش )نظام اجتماعي و ايديولوجي يفرّخ العنصرية و الابادة الجماعية و الاغتصاب و قتل النساء (3)
يمكن رد رؤية القاص(ة) رغد السهيل للانثى الى الرؤية بعين المذكر ، من حيث ان مجموعتها القصصية تأخذ فعل الرجل و عين الذكر في الحسبان في عالم ارادت له رغد السهيل ان يختص بالمرأة وحدها كي تتفكه به على الرجل من خلال نقد مصطلح التمركز حول الذكورة الذي يتعلق بنشأة المصدر المذكر للسلطة و المعنى من خلال النظم الثقافية و الايديولوجية و الاجتماعية (4) لذلك حرصت في أن ترى العالم عالم المرأة و علاقته بعالم الرجل بعين الرجل بطرق إطلاق النكتة و التهكم و الغرائبية و الهوس الخنثوي فيما يطلق عليه ب (كوميديات )(5) و( الانوثة البشعة) (6) من الاهداء الى عتبات القصص و مفتتحات الرجال التي وضعت تحت رقابة الذكر و فهمه و تأويله في اللغة و الثقافة ، لتحتفظ المرأة في النظام الرمزي بجسدها و الكتابة عليه ، و أن تقارن جنوسة ( المرأة ) في ادق تحيزاتها و اكثرها شهرة ب( الصوت) الذي تطلقه النساء في العراق عند الافراح و يعرف بالهلاهل و الزغاريد ايضا ، لكن بشرط ان تترك للرجل العين التي من خلالها ترى العالم في نص عبدالوهاب البياتي ،و جمعة اللامي في حديقة نسائه ، لأن القاص(ة) لا تعترف بفكرة ( تأنيث) المؤنث مثلما هي تقبل بذكورة الرجل و حقه في الهيمنة من باب احقيته في التمركز الذكوري لأنه سيعني قبول التمركز اللغوي ( النسائي ) حول الذكورة ايضاً
1 – ما وجهة الاختلاف بين المرأة و الذكر في هذه القصص ؟ بالتأكيد الاختلاف بينهما سياسي ، من اول وهلة يمكننا الحكم على ميل القاص(ة) للاذعان و الاقرار بسلطة الرجل ،فالتفاوت بين الصوت (كللوش) النسائي و اللغة الذكورية ( البياتي ـ جمعة اللامي ـ علي الشرقي ـ الخ) يدل على ان التمركز الذكوري هو سلطة سياسية لا يمكن إنكارها و ان حديقة اللامي هي ساحة استعراض لحكم القضيب الذي يشهره الرجل قبالة بطولاته الورقية في قمع نسوته ( فرخندة ، نادية مراد)
2 – في قصص المجموعة يبقى الحال كما هو عليه ، فالمرأة سواء الكاتبة ام الراوية ام البطلة تظل تتهكم ، تتحكم في مفاصل السرد و منعطفات الخطاب و هي تمثل الوجه الآخر للذكورة ، ففي ( كللوش)التحكم بالمرأة ( كللوش ) من اللغة التي تعمل على تغييبها الى الجسد الانثوي المستباح من الحاج حكيم الوجه المنفذ من قبل الابوية الصارمة( من ملكية الارض الى ملكية المرأة ــ كللوش الجدة الى كللوش الحفيدة و الوظيفة الدونية في الخدمة) الى ظافر الذكورة القضيبية التي تحركها تلك الابوية ، مما يعني ان ( كللوش) هي المرأة المقموعة التي تساوي بالمرتبة ( ذباب الفواكه) فحسب ، و لكي تبدو فكرة الصراع بين الانوثة و الذكورة ذات وجاهة تعمد القاص(ة) الى إعلان شن الحرب و غضب الطبيع(ة) و حقد المحصولات السامة ( البصل المسموم ) على ذكورية الرجال ، و لا تستقر او تهدأ الامور إلا بإعادة التمركز الى وضعه الطبيعي ، و في (مواء العاشق )(7) القصة التي تنتصر للمرأة ، الكاتبة و الراوية الموثوق بها التي تشكل نمطاً نسقياً مع القاص(ة) و الراوية المشكوك بها التي تنتحل شخصية سينمائية مصرية ( تحية كاريوكا) و الراوية المحرمة على مساعدة الراوية المنتحلة لشخصية الممثلة ، و التعدد في وجوه النساء الراويات إنما لكي تضع المرأة جسدها امام سلطة الذكورة من جانب العاشق المعلق فوق ( فوق سطح العمارة)و السلطة الذكورية السياسية القامعة لانوثتها و لو تبين محاكاتها لكوميديا انثوي ، فالرموز و الايماءات التي تطرحها هنا الكاتبة تعطي انطباعاً بقدرة المرأة في مواجهة سلطة الرجل ، ليس للكوميديا التي تنتزع انثويتها ، بل لتوسيع التمركز اللغوي حول الذكورة الذي توظفه المرأة في معجمها النسوي ، و كانت رغد السهيل قد اسمت جر الحبل بين المرأة و الرجل في إحدى قصص المجموعة باللعبة و حقاً أجادت دورها في اللعبة
إحالات
1 – كللوش رغد السهيل قصص قصيرة الطبعة الاولى 2017 المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت
2 – أنثى اللغة اوراق في الخطاب و الجنس زليخة ابو ريشة دار نينوى سوريا 2016 ص28
3 – المصدر نفسه ص 29
4 – الجسد بين الحداثة و ما بعد الحداثة د- سامية قدري ص 335
5 – كوميديات جمع كوميديا مفهوم استمدته النسوية من ميخائيل باختين المأخوذ من الاحتفال الكرنفالي غايته قلب ملامح الجنسين رأساً على عقب و هو نوع من الحساسية اللغوية و النفسية و الادائية تتسم بالضحك و المبالغة
6 – الانثوية البشعة مصطلح استمدته باربرا كريد من التحليل النفسي و يطلق على الشخصية التي تتسم بالمبالغة الانثوية التي تستعملها المرأة في التمثيل المرئي و الثقافي للجسد الانثوي لإبعاده عن الميل الجنسي
7 – من أجل الاختصار في الوقت و مساحة الكتابة اخذت قصتين فقط من (12) قصة من المجموعة راجع كللوش رغد السهيل