بغداد – أحلام يوسف:
مرت خمسون عاماً على رحيل أيقونة الثورة، الزعيم المناضل تشي جيفارا، الذي بدأ رحلته مع طريق الثورة والحرية، في اثناء رحلته على دراجته النارية مع أحد أصدقائه عبر اميركا اللاتينية، وحينها وبعد ان كان شاهدا على الفقر والجوع والعوز، أدرك ان الخلاص يكمن بالاشتراكية.
سافر جيفارا عندما كان طالبا في كلية الطب إلى جميع أنحاء أميركا اللاتينية، مع صديقه ألبيرتو غرانادو وكونت تلك الرحلة شخصيته وإحساسه بوحدة أميركا الجنوبية، وبالظلم الكبير الواقع من قبل الإمبرياليين، على المزارع اللاتيني البسيط. قاد جيفارا العديد من الثورات، فبرغم انه أرجنتيني الأصل، الا انه بدأ حياته مع نكران الذات والبحث عن حرية الانسان أينما كان، في غواتيمالا، ومطالبته بالإصلاح في فترة حكم الرئيس جاكوبو أربينز غوزمان، والذي ساعدت وكالة المخابرات المركزية الأميركية في نهاية المطاف على الإطاحة به.
اما ثورته الأشهر فهي عندما كان جيفارا يعيش في مدينة مكسيكو، فقد التقى هناك براؤول كاسترو، المنفي مع أصدقائه الذين كانوا يجهزون للثورة، وينتظرون ساعة خروج كاسترو من سجنه في كوبا، وما إن خرج الأخير من سجنه، حتى قرر جيفارا الانضمام الى الثورة الكوبية، وقد رأى فيدل كاسترو أنهم في أمس الحاجة إليه كطبيب، وانضم لهم في حركة 26 يوليو، التي غزت كوبا، بنية الإطاحة بالنظام المدعم من طرف الولايات المتحدة، وسرعان ما برز جيفارا بين المسلحين، وتمت ترقيته إلى الرجل الثاني في القيادة، حيث لعب دورا محوريا في نجاح حملة على مدار عامين من الحرب المسلحة التي أطاحت بنظام باتيستا.
غادر جيفارا كوبا في عام 1965 بعد ان تسنم عدة مناصب، واصدر قوانين إعادة النظر في الطعون، وفرق الإعدام على المدانين بجرائم الحرب خلال المحاكم الثورية، وأسس قوانين الإصلاح الزراعي عندما كان وزيرا للصناعة، وعمل أيضا كرئيس ومدير للبنك الوطني، ورئيس تنفيذي للقوات المسلحة الكوبية، وكانت مغادرته من أجل التحريض على الثورات الأولى الفاشلة في الكونغو كينشاسا، ومن ثم تلتها محاولة أخرى في بوليفيا، حيث تم إلقاء القبض عليه هناك من قبل وكالة الاستخبارات المركزية، بمساعدة القوات البوليفية وتم إعدامه فيما بعد، لكن الموت لم يأخذ الا جسده، اما فكره واسمه، فما زال هو الشرارة التي تنبعث منها الثورات في كل مكان.
جيفارا ما زال الى يومنا هذا ليس في بلدان اميركا اللاتينية فحسب، بل في العالم العربي والعراق على وجه التحديد، رمزا من رموز الثورة والتضحية من اجل الاخر، بغض النظر عن جنسه وجنسيته الوطنية، وسيظل جيفارا عنوان وترجمة فعلية لمبدأ نكران الذات، والشجاعة التي يمكن ان تؤدي بصاحبها الى الموت، وقد أصبحت صوره وسيلة للإعلان عن الفكر الثوري، لكننا لحد الان لم نجد من يحاكيه فعلا بصفاته الإنسانية التي وضعته في خانة المخلدون.
خمسون عاماً وما زال جيفارا أيقونة الثورات
التعليقات مغلقة