اليوم العالمي للسلام إنموذجاً للشراكة الاستراتيجية

بغداد – عبد العليم البناء:
لقد كان سفيراليونسكو للسلام الموسيقار نصير شمة مغرما منذ بداياته بالصوفية، وكان ذلك بسبب طبيعة أسرته المتدينة، وطبيعة منظوره للموسيقى، وتعمقه في قراءة الطرق الصوفية العشر، وما اشتق منها فيما بعد، وسيرة الصوفيين الكبار، وإغراقه في قراءة ابن عربي، وابن الفارض، والسهروردي، ورابعة العدوية، والحلاج.
وعلى تعدد مسؤولياته تجاه الابداع الموسيقي، وما يترتب عليها من التزامات فنية غير مسبوقة، تحملها بثبات صارم، لم يتخل شمة عن (مسؤوليته المجتمعية) التي يندر وجودها لدى أقرانه ونظرائه من الفنانين، والمبدعين، متجلية في العديد من المبادرات المتنوعة تمثلت بإطلاقه رابطة (طريق الزهور) لمعالجة الاطفال المصابين بأمراض قلبية، على يد أشهر جراح قلب في العالم، وتبنيه لمبادرات اخرى إنسانية، ليمنح لقب (سفير منظمة اللاعنف الدولية)، و(سفير اليونسكو للسلام).
ومن أهم المبادرات المجتمعية ذات الطبيعة الثقافية والفنية والاجتماعية والحضارية والانسانية التي قادها وترأسها الفنان الكبير نصير شمة، (حملة أهلنا لرعاية النازحين)، ومبادرة (الق بغداد)، وقد وجد في رابطة المصارف الخاصة العراقية، ورئيسها المثابر السيد وديع الحنظل، الشريك الاستراتيجي الذي تناغم واياه في تنفيذ هذه المشاريع، والمبادرات الإنسانية، والثقافية، والحضارية، وبرعاية من البنك المركزي العراقي، ومحافظه الدكتور على العلاق، وبتمويل مباشر من مجموعة كبيرة من المصارف الخاصة العراقية، التي تبرعت بأموال كبيرة لتنفيذ هذه المبادرات، وبمواصفات قياسية وفنية وعمرانية متكاملة، ليتم تسليمها الى أمانة بغداد خلال ستة أشهر من تأريخ الاحالة على الشركات المعنية، ومن دون أن تدفع الامانة مقابل انجاز هذه الساحات دينارا واحدا .
وجاء الحفل الموسيقي الكبير الذي أحياه نصير شمة، وضيوفه المميزون من نخبة من أشهر الموسيقيين العالميين لمناسبة (اليوم العالمي للسلام) في المسرح الوطني في بغداد، على وقع خطى الانتصارات المتلاحقة ضد أعداء السلام من عصابات داعش الإرهابية، وتحت شعار (معاً من أجل السلام .. الاحترام والسلامة والكرامة) ليقدم دليلا آخر على عمق هذه الشراكة الاستراتيجية بينه وبين الرابطة التي تكفلت “حسب رئيس الرابطة السيد وديع الحنظل” بإقامة هذا الحفل ” لمشاركة شعبنا فرحة تحرير المدن من الاٍرهاب في آخر معاقل داعش في كركوك والانبار، بما يحمله من دلالات إنسانية عميقة، من شأنها ازالة جميع مظاهر الحزن التي سادت في المجتمع العراقي بسبب الحروب، والتنظيمات الإرهابية”.
وقد تجلت هذه الشراكة الاستراتيجية في عمل تطوعي شامل على مدى أكثر من شهرين للتهيئة والتحضير لهذا الحفل، من لدن جميع العاملين في الرابطة بقيادة رئيسها السيد الحنظل، والمدير التنفيذي علي طارق، ونائبه مدير الادارة والتدريب أحمد الهاشمي، فضلا عن مجموعة من الاخوة الكرام، مرورا بجميع الشابات والشباب، حيث كانت تتواصل الاجتماعات اليومية المباشرة، أو عبر (السكايب)، و(الأون لاين)، وبتواصل مع مبدع الحفل الموسيقار نصير شمة، الذي كان يتابع كل التفاصيل الكبيرة منها والصغيرة من أجل انجازه بما يليق بسمعة العراق شعبا، وحضارة، ومكانة، وكانت الثمار التي جناها الجميع ديمومة، وعمق، وإنموذجية هذه الشراكة الاستراتيجية التي سيجني ثمارا أخرى منها فنانو العراق عبر سلسلة من الاعمال الدرامية، ضمن مبادرة دعم الدراما العراقية .