حيدر علي نوري
قاضي عراقي
يثار التساؤل بشأن تطبيق أحكام المادة 45 / ثانيا / ب من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل، المتعلقة بترقية القاضي الحاصل على الشهادة العليا، التي نصت على انه (…. ويعفى من تقديم البحث لترقية واحدة من حصل على شهادة الماجستير، كما يعفى من تقديمه لترقيتين متتاليتين من حصل على شهادة الدكتوراه)، إذ يرى البعض، إن المستفيد من أحكام النص انف الذكر، يتم إعفاؤه من تقديم بحث الترقية لمرتين متتاليتين، مرة عن شهادة الماجستير وأخرى عن شهادة الدكتوراه، وهذا هو المقصود من عبارة (لترقيتين متتاليتين) المشار إليها في النص انف الذكر، في حين يرى بعضهم الآخر إن المستفيد يتمتع بالإعفاء من تقديم بحث الترقية، لثلاث مرات متعاقبة، مرة عن الماجستير ومرتين عن الدكتوراه، وبهذا يكون مجموع الإعفاءات ثلاثة عن ثلاثة بحوث من بحوث الترقية، لثلاث ترقيات متعاقبة، على أن تتوافر في جميع الأحوال المدة التي يشترطها القانون للترقية .
ونجد إن الرأي الأول، يمثل اجتهادا غير مبرر، لمخالفته عمومية وصراحة نص المادة 45 / ثانيا / ب من قانون التنظيم القضائي، ذلك إن القاعدة الفقهية تقضي بأنه لا اجتهاد في مورد النص، ولذا فان مجموع المرات التي يتم إعفاء من حصل من القضاة على الشهادات العليا (الماجستير والدكتوراه) من بحث الترقية، للترقية من صنف الى صنف من أصناف القضاة، إذا توافرت المدة المطلوبة للترقية هي ثلاث مرات، مرة عن الماجستير ومرتين عن الدكتوراه، وذلك للأسباب التالية :
1-عمومية وصراحة نص المادة 45 / ثانيا / ب من قانون التنظيم القضائي التي نصت على انه (… ويعفى من تقديم البحث لترقية واحدة من حصل على شهادة الماجستير، كما يعفى من تقديمه لترقيتين متتاليتين من حصل على شهادة الدكتوراه)، وان النص انف الذكر جاء مطلقا في حكمة واضحا في دلالته، لا محل للاجتهاد فيه، والقول بخلاف ذلك يعني إهدارا لحكمة تشريعه بلا مبرر وتفسيره خلافا لدلالته وقصد المشرع عند تشريعه وإقراره، ذلك إن النص انف الذكر جاء تكريما لحملة الشهادات العليا من القضاة وتشجيعا لغيرهم، بغية السعي لتطوير المستوى العلمي، لما لذلك من اثر في زيادة عدد الكفاءات العلمية من حملة الشهادات في المؤسسة القضائية من القضاة وتطويرها واستقطابها، وعلى أساس ما تقدم خص المشرع شهادة الماجستير بحكم وامتياز، كما خص شهادة الدكتوراه بحكم وامتياز آخر، حتى يصبح مجموع الإعفاءات ثلاثة.
2- إن شهادة الدكتوراه لا تجب ولا تلغي ولا تختزل شهادة الماجستير، إذ يترتب على كل منهما الحقوق والامتيازات المقررة قانونا، وهذا ما قرره المشرع بنص المادة 45 / ثانيا / ب من قانون التنظيم القضائي انف الذكر .
3 -إن مدة الدراسة للحصول على شهادة الدكتوراه تعادل ضعف مدة الدراسة للحصول على شهادة الماجستير، ولذا فمن غير المنطق أن تتساوى الامتيازات المقررة لكل منهما، وان ذلك يقتضي طبقا لتعليمات الترقيات المقررة استنادا لقانون التعليم العالي والبحث العلمي، أن تجزي شهادة الماجستير عن بحث واحد والدكتوراه عن بحثين، وعلى أساس ذلك فان مجموع ما تجزي عنه شهادة الماجستير والدكتوراه هو ثلاثة بحوث، وان القياس على ذلك أمر وارد قانونا، عند تفسير نص المادة 45 / ثانيا / ب من قانون التنظيم القضائي، لاتحاد العلة عند الحكم، الأمر الذي يقتضي إعفاء القاضي الذي حصل على الشاهدتين المذكورتين من ثلاثة بحوث عن ثلاث ترقيات عند الترقية من صنف الى صنف، من أصناف القضاة، إعفاء واحد للماجستير وإعفاءان للدكتوراه.
أثر الشهادات العليا في ترقية القضاة
التعليقات مغلقة