جرجيس كوليزادة
كاتب وصحفي
خلال لقاء للسيد مسعود البارزاني مع رجال الدين دعا الداعين الى الغاء او تأجيل الاستفتاء تقديم بديل مضمون للعملية، وبالرغم من التبريرات التي قدم بشأن حق الكرد بالحياة المستقلة، الا ان المسوغات كانت هزيلة بسبب دفاعه عن الحكومة الفاسدة وسياساتها الكارثية التي الحقت اضرارا جسيمة بشعب الاقليم، ولكن بعيدا عن الهالة الدعائية وبسبب الطروحات التي تطرح بضبابية ورؤية مشوشة عن الاستفتاء وحق الاستقلال، ارتأينا تقديم بديل متسم الموضوعية لاستيعاب فكرة الدعوة بنضوج سياسي ووعي ناتج عن الادراك بالمسؤولية الوطنية لتفهم حق تقرير المصير، وتأمين هذا الحق بالتوافق والاتفاق مع الحكومة الاتحادية بتأن وتعقل ومنطق حكيم، ويأتي هذا البديل في ظل التوضيحات التشاؤمية التي طرحها البارزاني بخصوص اسباب الادخار الحكومي القمعي لرواتب الموظفين المنهوبة، والتوقع بتواصل الأزمة المالية لسنوات اخرى، وضمن سياق تأكيد الحكومة الاتحادية على عدم ادراج الاستفتاء والقضايا غير الدستورية على طاولة الحوار مع وفد الاقليم المفاوض، وبسبب التركيبة الهزيلة لوفد الاقليم المزمع ارساله الى بغداد بشأن الاستفتاء والمشكلات العالقة بين الطرفين والمتوقع ان يعود خالي الوفاض.
لهذا فان تقديمنا للبديل المقترح والمستند الى مشروع سياسي سابق منشور في هذا المنبر الحر بعنوان «مشروع ميثاق عراقي لرعاية الدولة الكردية»، يأتي لضمان البيئة المناسبة ومن أجل ترتيب التفاهمات والعلاقات والمصالح لخدمة العراق والاقليم بصورة مشتركة، لذا نأمل الخروج بتقديم رؤية تصب في صالح ضمان اتفاق وطني بين الطرفين بقيادة السيد حيدر عبادي يؤمن المستقبل المشرق للجميع، والبديل ما يلي:
(1) فتح باب المفاوضات المباشرة بجدية بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية، وعلى مستوى ساسة نزهاء حكماء لهم بصيرة نافذة وحكيمة ويتمتعون بالاخلاص والمسؤولية الوطنية بعيدا عن مصالح الاحزاب والعائلات الحاكمة، وعلى وفق قواعد اصولية للاجتماعات تمهد البحث في جميع المطالب والمشكلات العالقة بين الطرفين، وعلى ان تحدد فترة زمنية بثلاثة اشهر للوصول الى اتفاقيات محسومة للاقرار والالتزام الرسمي.
(2) التباحث والتفاوض بأسس دستورية وقانونية على طاولة الحوار، وذلك للتمهيد للاقناع والقبول بمبدأ حق تقرير المصير للشعب الكردي، وثم الاتفاق على طرح الاستفتاء أمام الشعب خلال فترة محددة وفي تاريخ محدد، ومع الاقرار بقبول نتائج التصويت.
(3) تثبيت قناعة الحكومة الاتحادية ببيان رسمي بحق شعب اقليم كردستان بالاستفتاء وحق تقرير المصير، وذلك استنادا الى الفقرة الثانية من المادة الاولى من ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945، وقرارات الجمعية العامة رقم 2625 في سنة 1970، و2787 في سنة 1972، و3970 في سنة 1973، واسترشادا بالاعلان العالمي لحقوق الانسان، وايمانا بالمبادئ الاساسية المثبتة بالدستور الدائم.
(4) اتفاق الطرفين على تأجيل استفتاء الاقليم الى سنة اخرى، وتكليف المفوضية العراقية المستقلة للانتخابات ومفوضية الاقليم باجراء عملية التصويت وباشراف من الأمم المتحدة، وذلك لكي يكون الاشراف الأممي عامل مساعد وتسهيل لاعتراف المجتمع الدولي، وعند اقرار الاستفتاء بنعم يشرع قانون من مجلس النواب خاص بذلك، ويحدد كيفية فك ارتباط الاقليم من الدولة العراقية، وفي حال خروج الاستفتاء بالرفض يبقى الاقليم ضمن العراق الاتحادي الموحد.
(5) بعد الاتفاق الرسمي للطرفين على نتيجة الاستفتاء وتثبيتها بقانون في مجلس النواب، تحدد فترة انتقالية بخمس سنوات لاعلان استقلال الاقليم على وفق اتفاق رسمي والتزام قانوني بين الحكومتين امام المجتمع الدولي.
(6) خلال مدة تأجيل الاستفتاء وباتفاق الطرفين تلتزم الحكومة الاتحادية بتطبيق المادة (140) من الدستور في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها من سنجار الى خانقين، وذلك لتحديد التحاق هذه المناطق بالعراق او بالاقليم، والنتائج الرسمية للاستفاء حسب خطوات المادة الدستورية تكون ملزمة وقطعية.
(7) تعد الحكومتان مع تحديد البداية الرسمية للمرحلة الانتقالية ومن خلال مجلس النواب وبرلمان كردستان، خطة على مدى سنتين لفك ارتباط المؤسسات والمتعلقات الحكومية وغير الحكومية المشتركة بين الطرفين، وفي السنتين اللاحقتين تعد الحكومتان مسودات اتفاقيات استراتيجية لابرامها مستقبلا بين الطرفين.
(8) اعداد اتفاقية استراتيجية بعيدة المدى بين الحكومتين قبل نهاية المرحلة الانتقالية، لا تقل مدتها عن (50) عاما تضمن وتخدم جميع مجالات وقطاعات المصالح والعلاقات المشتركة للشعبين بين العراق والاقليم.
(9) تتعهد الحكومتان باتفاقيات رسمية لتمتع العراقيين بكافة حقوق المواطنة في الاقليم لمدة لا تقل عن (50) عاما، وتعاد النظر في الاتفاقية فيما بعد حسب المصلحة المشتركة، وتمتع مواطني الاقليم بجميع حقوق المواطنة في العراق ولمدة لا تقل عن (50) عاما، وتعاد النظر في الاتفاقية فيما بعد حسب المصلحة المشتركة، وعلى ان تتضمن حقوق المواطنة حق العمل، وحق الرعاية الصحية، وحق الضمان الاجتماعي، وحق حرية التنقل، وحق التجارة والتملك والاستثمار، وحق الدراسة في المعاهد والجامعات، وحق التجنس.
(10) اعتبار الاقليم بعد انتهاء المرحلة الانتقالية ضمن الفضاء الحيوي الأمني للعراق واعتبار ارضه وسمائه ضمن منظور ومفهوم سيادة الدولة العراقية، واعتبار الدولة العراقية ضمن الفضاء الحيوي الأمني للإقليم واعتبار ارضها وسمائها ضمن منظور ومفهوم سيادة الاقليم.
ختاما، هذا البديل والسرد الموجز اعد بغية التوصل الى اتفاق وتفاهم مشترك بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم حول القضايا المصيرية المشتركة، وابداء المرونة في تفهم قضية الاستفتاء والاتفاق على انجازها وفقا لمصالح العراق والاقليم، وذلك مع مراعاة الخيارات المشتركة بالحياة الحرة الكريمة وبناءِ الدولة المدنية الحديثة على أسس انسانية وقيم ديمقراطية مع تحقيق العدالة والسلام والامن والاستقرار.
ومن اجل ذلك طرحنا هذا البديل لانارة درب الاستفتاء وازالة الهالة الاعلامية والسياسية المفبركة عن العملية، وذلك لتجنب اية مخاطرة يتعرض لها شعب الاقليم، وضمان بناء الأساس الصحيح للعلاقات بين العاصمة العتيقة بغداد والعاصمة الفتية أربيل، «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ»، والله من وراء القصد.
حيدر العبادي والمشروع البديل لكرد العراق
التعليقات مغلقة