تحت شعار الكلمة الطيبة والفكر النير والفعل الحسن
السليمانية ـ عباس كاريزي:
بعد اكثر من الف و 437 عاماً وتحت شعار الكلمة الطيبة والفكر النير والفعل الحسن، اقام اتباع الديانة الزرادشتية في اقليم كردستان مراسيم تجديد العهد والولاء لالهتهم بالقرب من معبد قسن قابان شمال غربي محافظة السليمانية.
وقال امير الديانة الزرادشتية بير لقمان حاجي في تصريح «للصباح الجديد» التي رافقتهم الى غار قسن قابان الواقع في منطقة جمي ريزان شمالي محافظة السليمانية، الذي يعده اتباع هذه الديانية بالمعبد الذي اقام به اجدادهم الطقوس والعبادات الدينية، انه وبعد مرور 1437 عاماً يقيم معتنقو الديانة الزرادشتية في السليمانية، مراسم تجديد العهد والولاء عبر احياء عيد «عهد النار» وهو احد اهم العبادات والمناسك التأريخية التي يجدد فيها اتابع هذه الديانة العهد والولاء بالوفاء والسلام، مؤكدا ان آلاف الأشخاص اعلنوا اعتناقهم الديانة الزرادشتية على يديه خلال العامين المنصرمين.
هذا وردد خلال مراسم الاحتفال المشاركون الأناشيد والأدعية الدينية الزرادشتية، ووزعوا رسائل دينية، وقرأوا قسم الولاء معلنين اعتزازهم بالعادات والتقاليد التي ورثوها من أجدادهم وملوكهم ونبيهم زرادشت.
وتابع بير لقمان قائلاً « اتباع هذه الديانة يرفضون التبعية والعبودية ويعلنون البدء باداء عباداتهم وفقا لما ينص عليه دينهم، وانهم يسعون للتخلص من العبودية الفكرية والجسدية، وان الزرادشتية سيقومون باقامة مناسكهم الدينية اسبوعيا وشهريا وسنويا في هذا المكان المقدس. وينتشر اتباع الديانة الزرادشتية في مناطق عدّة بالاقليم منها محافظة دهوك في مدينة زاخو ومحافظة السليمانيّة لا سيّما مدينة دربندخان، وقضاء رانية، ومدينة قلعة دزة، وقضاء جمجمال، ومحافظة حلبجة، ومدينة اربيل، لا سيّما قضاء كويسنجق، ومحافظة كركوك في داقوق، والتون كوبري ومدينة خانقين وبلدة كفري بمحافظة ديالى.
ويعد كهف القسن قابان مكان للعبادة وتحقيق العدالة لدى اتباع الديانة الزرادشتية، وهو كهف يضم قبور اثنين او ثلاثة من ملوك سلالة الماديين، لذا اتخذه اتباع هذه الديانية معبدا مقدسا لاقامة تراتيلهم ومناسكهم الدينية. حيث يرى بير لقمان وهو بمنزلة امير الديانة الزرادشتية، أنّ ما يقوم به ليس مجرد تمثيل ديني بل ثورة ثقافية هدفها تغيير عقول الناس وقلوبهم نحو حب الحياة، وتبني الاعتدال في حياتهم واختيار الفكر الجديد المتصالح والمتلائم مع روح العصر، في بلد يتعرّض إلى الإنقسام بسبب الكراهيّات الإثنية، معرباً عن تفاؤله بأن تحدث الزرادشتية تغييرا نحو الأفضل في البلاد. واكد لقمان ان شتى الاديان الاخرى شاركوا في هذه المناسبة لتجديد العهد والوفاء والتآخي والتعايش ونبذ العنف وتبني السلام في هذا اليوم الذي عده تأريخياً بالنسبة للكرد.اشنا عبد القادر وهي احدى المعتنقات للديانة الزردشتية قالت انها قررت منذ نشأت تنظيم داعش العودة الى ديانة اجدادها الزرادشتية، معربة عن سرورها بحصولها على لقب بير التي تمثل درجة دينية رفيعة في الديانة الزرادشتية، مشيرة الى انها قامت وفقا للدرجة الدينية التي تقلدتها بقبول عضوية عشرات الاشخاص الذين ينتمون يومياً الى الديانة الزرادشتية.
ورفضت عبد القادر تقديم ارقام محددة لعدد الذين ينظمون الى الديانة الزرادشتية يومياً، موضحة ان اغلب المنتمين هم من فئة الشباب، مبينة ان اقامة هذه المراسم في كهف قسقابان الذي يحوي على قبور ملوكهم دياكو وكي خسرو يأتي كمرحلة ثانية في توسيع نشاطاتهم عقب افتتاح معبد لاتباع الديانة الزرادشتية العام الماضي في السليمانية .
من جانبه قال هونر ياسين الذي جاء برفقة خمسة عشر شابا من محافظة اربيل لاعتناق الديانية الزرادشتية، عبر مراسم تسمى عقد حزام الدخول الى الديانة الايزيدية، «ان العودة الى اصولنا والبحث عن هويتنا هو الحل المثل للكرد» والذي يتمثل بالدخول الى الديانة الزرادشتية والتخلي عن اية ديانات دخيلة على المجتمع الكردي.
يشار الى ان الزرادشتية هي ديانة إيرانية قديمة وفلسفة دينية آسيوية، كانت الدين الرسمي للإمبراطوريات الأخمينية والبارثية والساسانية، نسبت الديانة إلى مؤسسها زرادشت، وتعد واحدة من أقدم الديانات التوحيدية في العالم، إذ ظهرت في بلاد فارس قبل 3500 سنة. ظهرت الزرادشتية في المنطقة الشرقية من الإمبراطورية الأخمينية عندما قام الفيلسوف زرادشت بتبسيط مجمع الآلهة الفارسي القديم إلى مثنوية كونية :سبتامينو (العقلية التقدمية ) وأنكرامينو (قوى الظلام أو الشر) تحت إله واحد وهو اهورامزدا (الحكمة المضيئة). اذا ساد إعتقاد خاطئ بين أتباع الأديان الإبراهيمية أنهم يعبدون النار، ولكنهم في الحقيقة يعدون النار والماء أدوات من طقوس الطهارة الروحية.
أفكار زرادشت أدت إلى تبلور دين رسمي يحمل إسمه قرابة القرن السادس قبل الميلاد، ويجادل بعض علماء الأديان أن أفكاره أثرت على أديان توحيدية لاحقة مثل اليهودية والغنوصية والمسيحية والإسلام، والديانة الزرداشتية نفسها، تأثرت بالفلسفة الدينية لحضارة بابل العراقية القديمة.
وتعد الأفيستا الكتاب المقدس للزرادشتية وما تزال باقية إلى الآن، حيث كتب هذا الكتاب بلغة الأبستاق، وهي لغة وثيقة