تخضع الصفحات الثقافية في جميع صحفنا المحلية الى حسابات خاصة بالمشرفين عليها، صحفيين، ونقاداً، وشعراء، وكل يسلط الضوء على مجال اشتغاله، بمعنى ان الشاعر يروج لأصدقائه من الشعراء، والناقد يهتم أكثر بالدراسات النقدية، والقاص يركز دائماً على السرديات وهكذا، ولا تعتمد الصفحة الثقافية على البحث والتقاط الاجود من النشاطات الثقافية، والمواد التي تتعلق بهذه الصفحة، فمعظم ما يطرح على هذه الصفحات مواد ونشاطات أدبية محصورة بدائرة النقد الادبي والشعر والنصوص السردية، ومن خلال عملي بالصحافة، وتحديداً على الصفحات الثقافية، وجدت هناك الكثير من الأخطاء التي يجوز لنا ان نطلق عليها تسمية ( الشائعة) من دون أن ينتبه لها المسؤولون على هذه الصفحة ، منها على سبيل المثال، ان أي مادة تعنى بمنظمات المجتمع المدني، لا تنشر على الصفحة الثقافية مهما كانت المادة غنية ثقافياً، ويفضل نشرها على الصفحة الأخيرة، ومن وجهة نظري اجد إن الجريدة بنظرة عامة من الصفحة الأولى الى الصفحة الأخيرة ماهي الا صفحات ثقافية، لكنها مبوبة الى عناوين فرعية، ثقافة علمية، ثقافة رياضية، ثقافة فنية ، ثقافة أدبية، الخ من الاهتمامات والابداعات العراقية، واذكر هنا موقفاً عندما كنت اشرف على الصفحة الثقافية لإحدى صحفنا المحلية، فكان ان ضمت الصفحة خبراً عن احد الموسوعيين في بابل هو الدكتور الراحل صباح المرزوق، خاص بإصدار كتاب له عن شعراء العراق، فاتصل بي مدير التحرير وهو متوتر وسألني بغضب :» ما علاقة هذا الخبر بالصفحة الثقافية؟» !، حينها استغربت من سؤاله، وقلت له هو من صلب الثقافة، ولنتفق أولا هي صفحة ثقافية أم صفحة أدبية او شعرية؟، هنا نقطة الخلاف، فكثير من الصحف لا تميز على ما يبدو بين الصفحة الثقافية والصفحة الأدبية فيحدث خلط بمفهوم الصفحتين.
يؤكد الموسوعي بيير لاروس الفرنسي:» إن الثقافة هي مجموع النظم الاجتماعية والمظاهر الفنية والدينية والفكرية التي تتميز بها وتحدد بها مجموعة أو مجتمعاً بالنسبة للآخر»، أما تعريف موسوعة دار الشروق فجاء فيه: «إن مفهوم الثقافة يشير إلى كل ما يصدر عن الإنسان من إبداع أو إنجاز فكري أو أدبي أو فني أو علمي».
ويقول الأستاذ عقيل عيدان عن الثقافة في اللغة العربية :» الأمر في اللغة العربية على خلاف اللغات الأخرى، فالثقافة فيها كلمة أصيلة، لها معنى واضح على وجه الحقيقة ووجه المجاز، ولا دخل للكلمة الألمانية، ولا لمعناها فيه، فلا الكلمة ولا معناها انتقلا إلى العربية، وكل ما هنالك أن بعض من تعلموا لغات الغرب من العرب أخذوا يترجمون عنها، وأن الترجمة لم تكن دائماً موفّقة، وأن بعض التشويش الموجود عند كتّاب الانجليز مثلاً في استعمال كلمة (تعليم) و(تهذيب) و(مدنية) و(ثقافة) قد انتقل إلى اللغة العربية..»، من هنا نجد هذا الاضطراب اذا جاز لنا التعبير، في كيفية التعامل مع الصفحات الثقافية، وبرغم عقد الكثير من الندوات والروش الثقافية حول هذا الموضوع الا ان الصفحة مازالت عالقة بين هويتها الثقافية والأدبية.
حذام يوسف طاهر